أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

حتمًا ...سأشيخ معها (1,2)بقلمي

الجور ي

الjo هسيس بين يقظة وغيم
طاقم الإدارة
وسام المحاور فذ
إنضم
26 يونيو 2023
المشاركات
125,009
مستوى التفاعل
120,639
النقاط
2,508
Picsart_25-10-12_06-56-58-202.jpg
مقدّمة

حتماً سأشيخ معها

لم أكتب لأبرّئ نفسي، ولا لأدينها.
كتبت لأن الصمت لم يعد يحتمل، لأن في داخلي أصواتًا صغيرة تتنازع على بقايا ضوء، ولأن الأشياء حين تسكت أكثر مما ينبغي، تبدأ بالاهتراء.
كل حكايةٍ هي نوعٌ من الشيخوخة، وكل حبٍّ يُروى بعد فواته، هو تجعيدة جديدة في الروح.

لم أكن أبحث عن خلاصٍ من امرأة، بل عن شكلٍ آخر للحياة يشبهها.
امرأة تسكن اللغة كما يسكن الليل مدينةً مكسورة الأضواء، تمرّ على التفاصيل برفقٍ، ثم تترك بعدها عطرًا من فكرةٍ لم تكتمل.
هي لم تكن حلماً، بل مرآةً مائلة، رأيت فيها وجهي كما لم أره من قبل: مرهقًا، حقيقيًّا، وعالقًا بين الخوف والرغبة في البقاء.

أحيانًا أشعر أنّ الكتابة عنها ليست سوى محاولة لتأجيل النهاية، لأن من يكتب لا يودّ أن يفرغ من حكايته.
وأحيانًا أخرى، أكتب لأتأكد أنّها كانت موجودة حقًّا، وأنني لم أتوهّمها في حلمٍ طويل.

كل سطرٍ هنا هو نَفَسٌ احتُبس طويلاً.
وكل فصلٍ محاولة لترميم شيءٍ تصدّع في القلب.
ربما لن تفهموا ما أردت قوله، لكنّي واثق أنكم ستشعرون بما لم أقل.
فالكتابة، في النهاية، ليست اعترافًا… بل طريقةٌ بطيئة لنشيخ مع من أحببنا دون أن نغيب.
 
التعديل الأخير:

الجور ي

الjo هسيس بين يقظة وغيم
طاقم الإدارة
وسام المحاور فذ
إنضم
26 يونيو 2023
المشاركات
125,009
مستوى التفاعل
120,639
النقاط
2,508
حتمًا ..سأشيخ معها (١)


أعرف رجلاً بمزاجٍ غريب، يجمع شتاته أمام دورق قهوة، ويعيد ترتيب بيت عقله أمام أنفاس سيجارة.
هنا تكون نقطة ضعفه، بين الدورق والأنفاس.
في هذه الجزئية من الوقت، بإمكان أيّ أحدٍ أن يأخذه إلى الصحراء ليصطاد السمك، أو أن يقطف البنّ من الياسمين.

أتخيله كل صباحٍ يدخل غرف المنزل، يفتح الباب تلو الباب، ويأخذ القطعة تلو الأخرى.
كلّها موضوعة بعنايةٍ في مكانٍ مخفي، ليس لأنه يخاف سرقة ما يُخفي، بل لأنّ لدى شتاته عادةً غريبة: الزحف ليلًا إلى بيوت الجيران.
ليس تطفلًا، بل شغفًا بالمعرفة — ما الذي يحدث خلف أبوابٍ موصدة؟ أيّ أفكارٍ تمرّ، وأيّ حكايةٍ تُروى؟

الحفاظ على الترتيب هو الأهم في سلّم أولوياته عند التجميع، فهو رجلٌ منظَّم جدًا.
لا قطعة تعلو أخرى، ولا قطعة تأخذ مكان أخرى.
وأراه يخرج إلى منازل الجيران يستعيد أماناته منهم.

تخيّل الموقف يجعلني أضحك!
لا تغضب، أنت تُرغمني على الضحك عنوة، وأنا أراك تطرق الأبواب وتقول:

"عفوًا، لدي جزء عندكم، تكرموا بإرجاعه."

نظرة فتيات الجيران قاتلة فعلًا:
تلك تراه فارس أحلامها الذي يجيء ليلاً موصولًا بالنهار،
وتلك تراه الرجل الهمام على فرسٍ أبيضٍ مقدام، سينتشلها من بئرٍ أوله حاء وآخره حرمان،
وأمّ تلك تراه عريسًا مناسبًا لابنتها، وإن لم تفلح فالأخت موجودة،
المهمّ ألا تظفر به ابنة زوجها الصهباء بعينيها الخضراوين.

وتلك تراه تربةً خصبةً لتنبت أطفالها.
كثيراتٌ هنّ، فهو يسكن حيًّا كلّ الرجال فيه فارّون، كالمرغمين على خدمة العلم،
لكنهم مستنكفون، هاربون ليجلبوا الأرزاق لتستمتع النساء، ويبتعن ما يردن،
ليرتحن من كثرة القيل والقال والمقارنة في كل حال.

ليتناول من تلك جزءًا، ومن تلك جزءًا،
وأيديهنّ تغطّي الأفواه حتى لا يرى ضحكتهنّ، أو بشاعة أسنانهنّ، أو رائحة فم أيٍّ منهنّ.

وعند هذه الجزئية، ينظر إلى نفسه حافي القدمين، بلباس النوم،
شعره غير منظَّم، وفرشاة أسنانه تتدلّى من جيبه.
يستيقظ، فيعتذر من السماء لأنه خرق قوانين اللباقة،
ويعود إلى المنزل يحمل الكثير الكثير، والأصوات تلاحقه:

"أتريد مساعدة؟ أتريد أن آتي؟"

لينفض أذنه، فلهنّ أصوات نشاز،
ولا تعليق على صوته — ولو كان كهزيم الرعد في ليلة سكون.

يصنع قهوته، وكل شيءٍ يقفز حوله، وهو يحاول ألّا يحرق أصابعه،
ويصرخ كما مربية الحضانة:

"اجلسوا، قاتلكم الله، اهدؤوا!"

لكن لا أحد يستمع،
فقد خرجوا من رأسه ليبيتوا ليلتهم في بيوت الجيران،
والربّ وحده يعلم ما حدث هناك فلا إفصاح ولا اعتراف.

ليتنهد وقد طفح الكيل لديه، ويهددهم بقداحته وسيجارته.
وما إن يشعلها ويسحب النفس الأول

القبلة الأولى
حتى تحيل كلّ الضوضاء إلى هدوء، لتصل رسالتها، وابتسامتها، وهمسها.

حينها يترتب كلّ شيء، ويتجمع بأجمل صورة.
فيبتسم تلك ابتسامة المنتصر الذي حافظ على نفسه على صهوة الجواد،
ولم يكبّ أبدًا، بل نزل ليقبّل شمس صباحه، ويرتشف قهوته من همس قهوتها.

 

الجور ي

الjo هسيس بين يقظة وغيم
طاقم الإدارة
وسام المحاور فذ
إنضم
26 يونيو 2023
المشاركات
125,009
مستوى التفاعل
120,639
النقاط
2,508
حتمًا سأشيخ معها (٢)


بعد الهدوء النسبي الذي أحاط عقلي،
وبعد عملية التجميع المُضنية التي شُبّهت أكثر بتركيب طفلٍ مكعباته المبعثرة بانتظار تصفيق أمّه،
هدأت.
أخيرًا، هدأت.
لكن الهدوء لا يعني الصمت، بل صوتًا منخفضًا لما تبقّى منّي.

أمسكت بورقة... لا، لم تكن ورقة، كانت قصاصة منديل نعم، منديلٌ سُرِق من مقهى عابر، لا أعلم لِمَ احتفظت به.
كتبت عليه رسالة، قصيرة جدًا، لا تتجاوز أنينًا مكتومًا بحجم نَفَس.
إليها… كانت الرسالة إليها.
تلك التي لا أدري كيف تسلّلت من بين شتاتي لتصير أوضح من مرآتي.
كتبت شيئًا يشبهني، بلا نقاط، بلا ترتيب، ثم صوّرت المنديل، وأرسلته لها.
وانتظرت الرد.

بدأت أذرع الغرفة كمن يبحث عن مقبس يشحن به قلبه.
لا شيء.
الجدران صامتة، الستائر لا تتحرك، الهواء متواطئ.

مررتُ بغرفة الملابس، فتحْت الباب كمن يفتح قبره،
وجدتُ قميصًا كانت هي من اختارته،
حاولت ألا أبتسم... فابتسمت.
ثم دخلت غرفة المكتبة، كل كتاب فيها كان شاهداً على محاولات الهرب.
هربٌ من كل شيء، حتى منها.

كل غرفة تحمل وجهًا مختلفًا لي.
واحدٌ يحاول النوم بين وسائد بلا روائح.
واحدٌ يسند جبهته على زجاج النافذة متأملاً غيابها.
واحدٌ يقرأ نصًا قديمًا كتبه لها ولم يُرسله قط.

الغرفة الثالثة كانت فارغة تمامًا، كأنها لم تُستخدم قط،
لكنني أذكر أنني بكيت فيها مرة حتى نسيت صوتي.

فتحت الباب الأخير، وكان الأثقل.
هو باب الحمّام، لكني سميته "باب التطهّر"
ليس من النجاسة، بل من ذنوبي تجاهها.
فيه وقفتُ أمام المرآة، نظرتُ لعينيّ...
وسألت:
"هل ما زلتَ تُحبها؟"
فردّت عيني بلا تردد:
"أحبّها كما يُحب البحر ملوحته… وإن كانت تُحرق السفن."

عدتُ أجرّ خطواتي نحو المطبخ.
وضعت الماء على النار،
أعددت قهوتي كما تحبها هي،
وسكبت فنجانين.
فنجاني… وفنجانها.
شربتُ من كليهما.

ولم يأتِ الردّ بعد.
 

وهج الحروف🔥

الطواف السابع
إنضم
25 مارس 2018
المشاركات
209,863
مستوى التفاعل
211,493
النقاط
5,098
لي عوده ليليه ان شاء الله
تليق بهذه الشيخوخه المفترضه.
 

الغيم

الغيم .. حكاية تكتبها السماء
وسام المحبه يمنح للاعضاء الجدد والمتفاعلين الجدد
إنضم
19 مايو 2025
المشاركات
15,909
مستوى التفاعل
9,562
النقاط
420
"هل ما زلتَ تُحبها؟"
"أحبّها كما يُحب البحر ملوحته… وإن كانت تُحرق السفن."
حروفك تُنبت الدفء في كل معنى تسلمين جوري مبدعة كالعادة
 

madness man

:: يارب ان تستريح خطانا ::
طاقم الإدارة
إنضم
20 مارس 2014
المشاركات
100,112
مستوى التفاعل
80,538
النقاط
210
الإقامة
baghdad
ذاك الليل ان تسلل بين جوانحنا
فهو لم يأتي لننعم بالهدوء ابداً
بل ليثير زوبعة في القلب
ولامفر الا للكتابة
ربما كان للقهوة تاثير أخر
ربما اغنية قديمة قد تعيد الامور الى نصابها
ربما تلك الابتسامه التي لاحت على محياة ايقضت شتات الروح
لكن هنا لابد عليه ان يشيخ معكِ

@الجور ي
أجمل ماقرأت اليوم ولست مجاملاً
رائع بكل ما اذقتينا من لذة هذه الحروف
 

سماهر الرئيسي 📚

مشرفة منتدى المواضيع العامة
طاقم الإدارة
إنضم
13 مايو 2024
المشاركات
41,783
مستوى التفاعل
39,851
النقاط
1,523
الإقامة
فُي قٌلُِبَ آلُِحٍڪآية
نص جميل ومليء بالرمزية والدفء، يصوّر شخصية فريدة تحمل طقوسها الخاصة، بين الشتات والترتيب، وبين العبث والنظام .. يتناول فكرة الإنسان الذي يُعيد لملمَة نفسه ببطء ووعي ، والاهتمام بأدق التفاصيل وكأنها حياة مصغّرة

"يا لجمال هذا السرد ! كأنك تطرزي الكلمات بخيوط من التأمل والدهشة..
رسمتي ملامح شخصية غريبة مألوف .. ، نتقاطع معها في لحظاتنا المبعثرة، حين نحاول ترتيب شتات أرواحنا بفنجان قهوة أو ذكريات معلّقة على أبواب الصباح. استمتعت بكل تفصيلة، وباللغة التي تجمع بين العمق والبساطة

سلمت يداك على هذا الإبداع."


ودي وباقة ورد حمراء يا أنيقة الحرف والوجدان

424b6dd940b173fa185643e8f0bb7eae.jpg
 

وهج الحروف🔥

الطواف السابع
إنضم
25 مارس 2018
المشاركات
209,863
مستوى التفاعل
211,493
النقاط
5,098
مدخل
كل الاماني ، اذا تحققت في غير موعدها
لم تعد لها قيمة ولا تشبع حاجة ملحة كانت في حينها..
المال لو أتى والجسم حبيس الفراش.
السيارة الفارهه ، والعينان لاترى سوى امتار الى الامام.
الموائد العامره حين تساقط الاسنان ... كلها لم تنهض بالروح ، انما تجس جروحها وتوخزها فتؤلمها..
****

حتما سأشيخ معها
لولا السطر الاخير من المقدمه، الذي رجّح احد الاحتمالين...
لقلتُ ومن وجهة نظر نقديه :

هنالك احتمال وارد انها اتعبته حتى بدا كالشيخ الهرم
معها وهو في عز شبابه. عطفا على ما يعنيه العنوان.

لكن الراجح هو الاحتمال الآخر .. انه باق على وده لها
حتى وإن اصبح شيخا هرما لايقوى الا على اجترار الذكريات ...
النص فخم وبلسان أنثى ، برعت في رسم يوميات رجل
وحكت عنه وروت فصول بعض من يومياته باسلوب
الاسترجاع ( فلاش باك).. وكانت بارعة في تصوير مغامراته في طرق الابواب باحثا عن سكن مفترض
وهو الساكن المقيم مع من احب.
وبعد كل هذه المغامرات ثاب لرشده واعد فنجانين من القهوه وشرب من كليهما.



القاصه المبدعه
الجوري

قدمتِ لنا وجبة كاملة الدسم من الترميز والايماء
والتشبيه والسرد بلغة ادبية رفيعه ..
ينبغي لها معدة فكرية قويه لهضمها وتمثيلها والاستفادة منها.
احيي فيك هذا الخيال الفسيح الذي اخذنا وجال بنا
ومن ثم اعادنا سيرتنا الاولى باسلوب تميز بالرمزية
والتشبيهات المبهره.

احييك مرة اخرى.
بتقييم يليق بهذه الشيخوخة الفتيه.
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 0 ( الاعضاء: 0, الزوار: 0 )