آهاات حالمة
Well-Known Member
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
النفس وما أدراك ما أسرارها
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
النفس وما أدراك ما أسرارها
إن نفس الإنسان مع ما أنها خارجةعن قيد الجسمية والمادية لكنها معبأة بمختلف القوى التي أودعت فيها حالها حال الحبة الصغيرة إذا بذرت في الارض فإنه يتحرر ما استتر فيها من القوى والإستعدادات حالما يتوفر المحيط المناسب وعوامل التغذية لها ، فتصبح بعد مدة شجرة قوية كثيفة الأغصان نضرة الأوراق معطاءة للفاكهة ، وكذلك نفس الإنسان فهي ذات إستعدادات مختلفة تظهر بالتدريج في الموقع المناسب وبتأثير التعليم والتربية ، لكنها لا تتجاوز حدود وزمان ومكان الجسم البشري ، لأنها بمنزلة مقدمات وآلات ظهور الطاقات والأفعال النفسية ، ونظر لمحدوديتها فإن كون فعالية النفس محدودة أمر بديهي كذلك .
إن الرسام الماهر الذي يرسم بريشته في كل يوم رسما جديدا لا شك أن فنه هذا محدود بنوع أدوات الرسم وجودتها ، وهكذا نفس الإنسان فإنها تظهر لها في كل لحظة آثار جديدة عن طريق البدن والدماغ لكنها لا تخرج عن إطار الزمان والمكان وهما محصورين كذلك .
ولا بد من الإلتفات هنا الى أن هذه المحدودية الزمانية والمكانية التي ذكرت لنفس الإنسان منحصرة بالافراد العاديين ، أما ما يخص ذوي النفوس النقية المتألقة المتحررة من القيود فلا وجود لهذه المحدوديات فيها أبدا حيث تمتنع مقارنتها مع غيرها ، فعلى هذا الاساس حينما تتحرر نفس الإنسان من قيد المكان فقط مثل ذلك التحرر الذي يحصل للعموم بعد الموت أو التحرر الذي يحصل ببعض المرتاضين أو لبعض الأرفراد في عالم النوم إذ أن في مثل هذه الحالة يتساوى عند النفس الإرتفاع والإنخفاض والبعد والقرب وترتفع عنها الحجب وفي النتيجة ترى الكثير من غير المرئيات وتسمع غير المسموعات وتدرك الغامضات ، فإذا تحررت من قيد الزمان كذلك حصلت على صفاء وطهارة أكثر ويتسع أفق نظرها لترى المستقبل كما ترى الماضي والماضي كالحال وتطلع على الحقائق الناصعة في فهرس وقائع الكون ويمكنها أن تصل الى ذلك السمو والنوورانية الى حد النفوذ في داخل نفوس الآخرين ، وتطلع على خلجاتها وتصوراتها حتى إذا حلقت الى درجات أعلى من الصفاء أصبح حيز وجودها كنزا للاسرار ومرآة للعالم.
إن كشف أسرار الخلقة يرتبط إرتباطا متناسبا مع درجة صفاء الضمير وبطبيعة الحال سوف يظهر هذا التحرر والصفاء لكثير من الأفراد العاديين يوم البعث والنشور العام للعالم ، ولا يستثنى هذا هنا إلا لعدة قليلة فقط ، تكاد تعد بالاصابع ، وأولئك هم الاطهار ذاتا وفطرة ، ويرتبط مقدار نوارانية العموم بهمتهم وسعيهم ومقدار إتباعهم للشرع والدين الحنيف.

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]