أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

بحث عن صلح الرملة ، بحث علمى كامل جاهز عن صلح الرمله

إنضم
15 أكتوبر 2017
المشاركات
33,826
مستوى التفاعل
295
النقاط
83
بحث عن صلح الرملة ، بحث علمى كامل جاهز عن صلح الرمله

صلح الرملة
أدت انتصارات صلاح الدين المتتالية وخاصة خلال الفترة من 583هـ - 586هـ (1187 - 1190م) إلى رد فعل عنيف في الغرب الأوروبي واشتد ندمهم على إهمالهم في عدم الإستجابة للنداءات المتكررة التي وجهها لهم إخوانهم الصليبيون في الشرق، وازدادت حسرتهم بعد فقدهم بيت المقدس، فأخذوا يتجمعون لمهاجمة المسلمين، بعد أن هرعت إليهم الرسل تخبرهم أن صليب الصلبوت أقدس المخلفات الدينية أضحى في أيدي المسلمين.
وقد بالغ الأساقفة والرهبان أثناء سفارتهم إلى أوروبا، في تصوير حجم المأساة التي تعرضوا لها، حتى أن البابا أوربان الثالث مات حزناً وكمداً لسماعه هذه الأنباء في أكتوبر 1187م[1]،وتولى البابا جريجوري الثاني بعده فأرسل الكتب إلى ملوك أوروبا يحدثهم فيها عن ضياع الأرض المقدسة، وصليب الصلبوت، ثم توفى بعد شهرين ليكمل مسيرته البابا كليمنت الثالث، ويكرر الاتصال بملوك الغرب.
وكان الإمبراطور الألماني فردريك برباروسا أشد الملوك تأثراً لما سمعه عن الكارثة التي حلت بالصليبيين في فلسطين، لذلك سارع بتجهيز جيش كبير توجه به إلى الشرق ماراً بالقسطنطينية، ثم عبر آسيا الصغرى إلى أرمينية حيث رحب به ملك أرمينيا المسيحي ترحيباً كبيراً، وأخذ صلاح الدين يستعد لملاقاته وطلب المعونة من أمراء المسلمين جميعاً حتى أمراء الموحدين في المغرب الإسلامي[2].
وبينما العالم الإسلامي يترقب هذا الهجوم الألماني العنيف، وما يسفر عنه، إذا بالأنباء تأتي بأن الإمبراطور فردريك الثاني غرق في نهر كاليكادنوس -وهو نهر صغير في قليقية- وأفلت زمام جيشه، وتفرق جنوده، واتجه ابنه فردريك السوابي بمن تبقى معه من الجند لمحاصرة عكا مع باقي القوات الصليبية[3].
وكان الصليبيون المحاصرون لعكا يتزعمهم ملك بيت المقدس السابق - جاي لوزجنان[4] - وكونراد مونتفرات أمير صور، وغيرهم من الأمراء، ثم انضمت إليهم الحملة الألمانية، كما وصل إليها فيليب أغسطس ملك فرنسا في أبريل 1191م، وبعده بقليل وصل ريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا لتكتمل جيوش الحملة الصليبية الثالثة أمام أسوار عكا، واشتد حصار الصليبيين لعكا، وشيدوا أدوات الحصار الكثيرة والكبيرة حولها بعد أن قطعوا الاتصال بينها وبين صلاح الدين - الذي كان يعسكر حينئذ في تل الخروبة بالقرب من عكا - ولكن حامية عكا وقفت موقفاً عظيماً حينما صمدت في وجه ذلك الخطر، ولم تنزعج من الآلاف المؤلفة المحاصرة لها بآلاتها وعتادها, وثبتوا ثبوتاً عظيماً، وصبروا صبر الكرام[5].
المفاوضات بين صلاح الدين والصليبيين:
كان لموقف عكا وصمود حاميتها أثر شديد في نفوس ملوك الغرب وخاصة ريتشارد قلب الأسد، الذي رأى في صمود حامية عكا ما ينبىء عن صعوبة المهمة التي قدم من أجلها، فإذا كانت هذه هي البداية فماذا سيفعل بعد ذلك مع القوة الإسلامية الكبيرة المتمثلة في صلاح الدين وجيشه، لذلك قرر الدخول في مفاوضات مع صلاح الدين، وأرسل إليه يدعوه للاجتماع معه للتوصل إلى تسوية سلمية، ولكن صلاح الدين رد عليه بأنه ليس من الحكمة أن يلتقي ملكان متعاديان حتى تنعقد بينهما الهدنة، وأبدى استعداده بان يتولى التفاوض بدلاً منه أخيه العادل، وأن يكون اللقاء في السهل الواقع بين المعسكرين الإسلامي والمسيحي[6].
إلا أن هذه المرحلة من المفاوضات لم تتم لأن الصليبيين لم يكونوا جادين خلال هذه المرحلة، وكانوا يقصدون بها شغل الوقت حتى يحكموا حصارهم حول عكا بالإضافة إلى مرض ملكي انجلترا وفرنسا[7].
وفي يولية 1191م استسلمت حامية عكا بعد أن أجهدها الحصار، ونفدت المؤن، وعجز صلاح الدين عن القيام بهجوم كبير على الصليبيين, لسآمة جنده, ومللهم من طول القتال، وعرض قادة عكا على ملوك الصليبيين التسليم. فتدخل صلاح الدين حينذاك في المفاوضات, التي ناب فيها الاسبتارية عن المسيحيين, والعادل عن المسلمين[8].
وقد طلب الصليبيون ثمناً باهظاً مقابل السماح لأهل عكا وحاميتها بالخروج سالمين، إذ اشترطوا إرجاع صليب الصلبوت، وإعادة مملكة بيت المقدس إلى حدودها التي كانت عليها 1176م، وكان من المتعذر عملياً تحقيق تلك المطالب إذ ليس من المعقول أن يتخلى صلاح الدين عن المكاسب التي حصل عليها بعد حطين بمثل تلك السهولة[9].
ثم تدخل أمير صور كنراد مونتفرات وخفف الشروط, وتم التوصل إلى اتفاقية تنص على السماح لحامية عكا بالخروج مقابل فدية مقدارها مائتي ألف دينار, وتحرير ألفين وخمسمائة أسير صليبي، ورد صليب الصلبوت[10].
وبينما صلاح الدين يستعد لتوصيل رسالة إلى حامية عكا يمنعها من الخضوع لهذه الشروط، رأي أعلام الفرنج ترفرف على أبراج عكا، بعد أن وافق قادة عكا على هذه الشروط باسمه، فلم يجد بداً من الالتزام بها[11].
وشرع صلاح الدين في جمع الأسرى والأموال المطلوبة منه، وكان الاتفاق مع ريتشارد على إعادة الأسرى الصليبيين في أقساط ثلاثة، قسط كل شهر، على أن يطلق ريتشارد سراح المسلمين في عكا بعد وصول الدفعة الأولى من الأموال والأسرى الصليبيين إلى المعسكر المسيحي، وتم إخطار الملك ريتشارد بذلك، ماعدا بعض الأسرى الصليبيين المعينين بالاسم فإن صلاح الدين لم يفرغ من إحضارهم من المدن الأخرى, وتسليمهم، فرفض ريتشارد تسليم الأسرى المسلمين الذين غدروا بهم في عكا، فطلب منهم صلاح الدين إما أن يقبلوا الدفعة الأولى مع رهائن عن السادة الذين لم يسلموا بعد، ويرسلوا إليه أسري عكا, وإما أن يقبلوا القسط ويجعلوا عنه رهائن حتى يضمن إطلاق سراح رجاله، ويضمن رجال الداوية ذلك لأنهم أهل دين يرون الوفاء، ولكن الداوية رفضوا ذلك، وقالوا لا نحلف ولا نضمن لأننا نخاف غدر من عندنا، كما رفض ريتشارد الاقتراحين، وطلب القسط الأول مقابل بذل الوعد بتسليم الأسرى المسلمين. ولكنه إذا كان الداوية لا يثقون في الصليبيين وهم منهم فكيف يثق بهم صلاح الدين، لذلك رفض أن يعطيهم شيئاً مالم يطلق سراح أسرى المسلمين[12].
وحينئذ قام ريتشارد بعمل غادر لايجدر بملك كبير مثله أن يقوم به، وحتى لانتهم بالمبالغة في غدره سنترك مؤرخاً أوربياً مسيحياً يصف لنا ما فعله بأسرى عكا وهو رانسيمان فيقول: "أضحي ريتشارد حريصاً على أن يغادر عكا, وأن يزحف على بيت المقدس, وصار الأسرى المسلمون مصدر حيرة له، فانشرح صدره لما تهيأ له من العذر للتخلص منهم، فأعلن في برود شديد يوم 20 أغسطس - أي بعد أن مضى ما يزيد على أسبوع من عودة الرسل إليه - أن صلاح الدين نقض عهده، وأمر بالإجهاز على سبعمائة وألفى أسير[13]، من الذي بقوا على قيد الحياة من حامية عكا، فاشتد حماس عساكره للقيام بهذه المجزرة، وقد حمدوا الله -حسبما يروي لنا في جذل وسرور المدافعون عن ريتشارد- لما هيأ لهم من فرصة للانتقام لرفاقهم الذين سقطوا أمام المدينة (عكا), ولقيت زوجات الأسرى وأطفالهم مصرعهم إلى جوارهم، ولم يبقوا على حياة أحد، سوى بعض الأعيان، وبعض رجال أشداء للإفادة منهم في أعمال السخرة[14].
وشتان بين هذا السلوك الهمجي الذي اتبعه ريتشارد في ذبح أسرى المسلمين وبين السلوك الإنساني - النابع من منهج الإسلام - الذي اتبعه صلاح الدين عقب انتصاره في حطين, واستيلائه على المدن الصليبية، إذ حرص صلاح الدين دائماً على السماح لأهل المدن التي استولى عليها بمغادرتها سالمين، ومنع رجاله من الاعتداء عليهم أو التعرض لهم، ولو سلك صلاح الدين نفس مسلكهم لما كان للصليبيين وجود آنذاك في صور, وربما تم القضاء عليهم نهائياً[15].
ولم يرد صلاح الدين على ريتشارد بقتل أسرى الصليبيين الذين في حوزته, وهم أعظم عدداً بكثير من أسرى عكا[16]، ولكن هذا العمل من جانب ريتشارد ترك أثراً سيئاً، وجرحاً عميقاً في نفس صلاح الدين, وأدى إلى تأجج النار في قلوب المسلمين، ولم يحجم صلاح الدين في المعارك التالية عن قتل بعض من وقع في يديه من أسرى الصليبيين[17].
كما أغلق صلاح الدين باب المفاوضات مع ريتشارد حول أي موضوع يتعلق ببيت المقدس, وإعادة صليب الصلبوت، وبدأ يستعد للحرب مرة أخرى، وكان الصليبيون حينذاك قد توجهوا جنوباً بمحاذاة البحر, فسيطروا على حيفا ثم قيسارية، فأمر صلاح الدين جنده بالسير بمحاذاتهم، والانقضاض عليهم من حين لآخر، وقطع الطريق على العساكر الذين تاهوا عن جيشهم، وقتلهم، كما جرح ريتشارد نفسه أثناء هذه الهجمات, مما جعله يطلب فتح باب المفاوضات مرة أخرى[18].
وقد وافق صلاح الدين على طلبه كسباً للوقت, حتى تصل قوات التركمان التي أرسل في طلبها، فتوجه العادل لإجراء المفاوضات، واجتمع مع ريتشارد في الخامس من سبتمبر سنة 1191م, ولكن المفاوضات توقفت بعد قليل بسبب طلب ريتشارد التنازل له عن كل فلسطين, وعودة البلاد التابعة لمملكة بيت المقدس كما كان الوضع قبل حطين[19].
تجدد المفاوضات بعد معركة أرسوف:
بعد انتصار الصليبيين المحدود في معركة أرسوف 7 سبتمبر 1191م عادت إليهم الثقة المفقودة منذ معركة حطين، ورغم أنها لم تكن معركة حاسمة إلا أنها كانت انتصاراً معنوياً كبيراً للصليبيين، إذا أدركوا أن صلاح الدين يمكن أن يتعرض للهزيمة، بعد أن كانوا يرون ذلك محالاً من قبل، كما تسببت هذه المعركة في تجرأ أمراء صلاح الدين عليه، ومخالفة أوامره، كما حدث عند عسقلان[20].
وقد عبر ابن شداد عن شعور صلاح الدين بأنه "كان في قلبه من تلك الواقعة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، والناس بين جريح الجسد وجريح القلب"[21].
إلا أنه رغم هذا ما زال جيش صلاح الدين قوياً ومصدر خطر ورعب للصليبيين، ولذلك حرص ريتشارد على تحصين يافا لتأمين ظهره عند التوجه إلى بيت المقدس، فتهيأت الفرصة لصلاح الدين لتدعيم وسائل الدفاع عن بيت المقدس، وتدمير عسقلان حتى لا ينتفع بها الصليبيون، كما بدأ ريتشارد قلب الأسد يعاني من بعض المتاعب أهمها: عودة عدد كبير من جنده إلى عكا, حيث الحياة الوادعة الناعمة، وانفصل كوانراد مونتفرات عن الصليبيين، واتجه إلى صور ليحافظ عليها لنفسه، كما وقع اضطراب في جزيرة قبرص التي يسيطر عليها ريتشارد، وقامت ثورة بها ضده، بالإضافة إلى القلائل التي سيثيرها فيليب أغسطس بعد عودته إلى فرنسا[22]. لذلك حرص ريتشارد على فتح باب المفاوضات مرة أخرى في أكتوبر 1191م مع صلاح الدين. الذي أبدى استعداده هو الآخر للاستماع إلى مقترحات ريتشارد[23].
الجولة الأخيرة للمفاوضات وعقد الصلح:
كان للمجهود الكبير الذي بذله ريتشارد في مواجهة صلاح الدين وجنده أثر في إعلال صحته ومرضه، لأنه يواجه قائداً لا يكل ولا يمل من طول الجهاد، ولو طاوعه جنوده ما توقف عن القتال حتى يطرد الصليبيين نهائياً من بلاد الشام. وقد أصيب ريتشارد بالحمى واشتدت عليه، فلزم خيمته, وأرسل إلى صلاح الدين يطلب منه فاكهة وماءاً بارداً، فما كان من صلاح الدين إلا أن بعث إليه بالكمثري والخوخ والبلح والثلج، كما أرسل إليه طبيبه الخاص ليعالجه, مما كان له أطيب الأثر في نفس ريتشارد، فأرسل إلى صلاح الدين يطلب منه الإسراع في عقد الصلح، فأعاد صلاح الدين عرضه السابق (للصليبيين المدن الساحلية من صور إلى يافا), وأصر على تسلم عسقلان، وكان من العسير على ريتشارد أن يقبل ذلك، لأنه لم يحقق أي كسب جديد للصليبيين بهذه الشروط، ولم يكن ريتشارد متمسكاً بعسقلان لهدف عسكري أو حربي بقدر ما كان يريد حفظ ماء وجهه أمام الصليبيين قبل العودة إلى بلاده. ولذلك يذكر أبو شامة أن ريتشارد أرسل إلى صلاح الدين يستوهب منه عسقلان، وبعد ذلك سيمضى ويتركه مع هذه الشرذمة اليسيرة يأخذ البلاد منهم، فليس غرضه إلا إقامة جاهه بين الفرنجية[54].
وعندما وجد ريتشارد من صلاح الدين إصراراً على الاحتفاظ بعسقلان لجأ إلى التهديد مرة أخرى, بأن أرسل إلى صلاح الدين بقول له : "إن وقع الصلح في هذه الأيام الستة سار إلى بلاده وإلا احتاج أن يشتى ههنا" فأجابه السلطان صلاح الدين بقوله: "أما النزول عن عسقلان فلا سبيل إليه، وأما تشتيته هنا فلابد منها لأنه قد استولى على هذه البلاد، ويعلم أنه متى غاب عنها أخذت بالضرورة، وإذا أقام أيضاً إن شاء الله، وإذا سهل عليه أن يشتى هنا ويبعد عن أهله ووطنه مسيرة شهرين, وهو شاب في عنفوان شبابه، ووقت اقتناص لذاته، فما يسهل على أن أشتى وأصيف وأنا في وسط بلادي، وعندي أهلي وأولادي, ويأتي إلى ما أريده ومن أريده، وأنا رجل شيخ قد كرهت لذات الدنيا, وشبعت منها، ورفضتها عني، والعسكر الذي يكون عندي في الشتاء غير الذين يكون في الصيف، وأنا أعتقد أنى في أعظم العبادات, ولا أزال كذلك حتى يعطى الله النصر لمن يشاء".
شروط صلح الرملة:
1- يكون للصليبيين المدن الساحلية من صور إلى يافا بما فيها قيسارية وحيفا وأرسوف وعكا والأعمال التابعة لكل من هذه البلاد.
2- تكون عسقلان للمسلمين بعد تدمير حصونها.
3- اللد والرملة مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
4- يكون للمسيحيين حرية الحج إلى بيت المقدس دون مطالبتهم بأي ضريبة عن ذلك.
5- للمسلمين والمسيحيين الحق في أن يجتاز كل فريق منهم بلاد الفريق الآخر.
6- تكون الهدنة عامة في البر والبحر وتشمل بلاد الإسماعيلية في الشام، وإمارتي أنطاكية وطرابلس.
7- مدة الهدنة ثلاث سنين وثلاثة أشهر[56].
وقد رفض ريتشارد أن يحلف بل أعطى يده فقط, واعتذر بأن الملوك لا يحلفون، فأقسم بالنيابة عنه ابن أخته هنري كونت شامبانيا, وباليان أبلين, ومقدما الاسبتارية والداوية، وفي اليوم التالي توجه رسل ريتشارد إلى صلاح الدين الذي رفض الحلف أيضاً، وأقسم عنه أخوه الملك العادل, وأولاده الأفضل والظاهر وغيرهم من الأمراء، كما حلف على الصلح أميري طرابلس وأنطاكية لدخول بلادهما في الهدنة[57].
نتائج صلح الرملة:
قوبل صلح الرملة بارتياح كبير من الطرفين, بعد أن ملوا جميعا تلك الحرب الطويلة, التي لم تنته إلى نتيجة حاسمة، وأصبح الطريق أمام المسلمين آمنا إلى الحجاز، وأمام المسيحيين آمنا إلى بيت المقدس، ويصف أبو شامة عظم الفرحة التي عمت المسلمين والمسيحيين معا عند إعلان الصلح فيقول: " كان يوم الصلح يوما مشهوداً، عم فيه الطائفتين الفرح والسرور لما نالهم من الحرب"[65].
وقد بدأ تنفيذ الصلح عقب توقيعه بأيام قلائل، فأمر صلاح الدين مائة نقاب ومعهم أمير من أمرائه لتخريب سور عسقلان، وتدميره بعد إخراج الفرنج منها، ويحضر معهم جماعة من الفرنج لمشاهدة تخريب السور تنفيذا للصلح, وتبقى بعد ذلك في أيدي المسلمين، كما احتفظ المسلمون ببعض المواني على الساحل مثل صيدا وبيروت وجبيل، كما احتفظوا بالبلاد الداخلية وخاصة القدس، كما تجهزت جماعات كثيرة من الجيش الصليبي بعد أن تجردت من السلاح للتوجه إلى بيت المقدس للحج وزيارة الأماكن المقدسة، ولما علم ريتشارد بكثرة من يزور بيت المقدس من الصليبيين أرسل إلى صلاح الدين يسأله منع الزوار إلا بإذن منه أو علامة من جانبه، وكان ريتشارد يهدف بذلك حرمان العساكر الفرنسيين من زيارة بيت المقدس، ورفض أن يمنح واحدا منهم تصريحا بالمسير إلى بيت المقدس[66].
وربما كان السبب في ذلك أن الغضب قد ملأ نفس ريتشارد حينما رأى شدة فرح الجند بزيارة بيت المقدس لا على أسنة رماحه, ولكن بالمحبة والأمن والسلام, حتى أنهم كانوا يرددون قائلين:ــ " إنما كنا نقاتل على هذا الذي وجدناه مع الصلح، ومازلنا سائرين في ليل القصد حتى وصلنا إلى الصبح", حينئذ استيقظت في نفس ريتشارد دواعي المكر والخداع مرة أخرى، ورأى أنه من الأولى أن يعود بجنده وقومه إلى بلادهم وهم على حسرة عدم تمكنهم من الزيارة, فيبقون على الاستنفار والاستثارة، لأنه من زار برد قلبه وتنفس كربه، ولم يبق له في مشقة العود أرب، ولم يتصل له بهذه الديار سبب، ولكنه كان ينوى أن يعود بهم مرة أخرى بنفس الحماس الذي كانوا يقاتلون به قبل الصلح والزيارة، ومما يؤيد ما ذكرناه أن ريتشارد حينما عزم على الرحيل أرسل إلى صلاح الدين رسالة أخيرة يتحداه فيها ويتوعده بقوله: " أنه سيعود بعد ثلاث سنين ويستولي على بيت المقدس"[67].
وقد انتبه صلاح الدين إلى مكر ريتشارد, وفطن إلى مقصوده, فأرسل إلى ريتشارد يعتذر له عن عدم منع الحجاج المسيحيين, ويقول له: " أنت أولى بمنعهم وردهم، وما يقتضي كرمنا أن نرد قوما وردوا علينا من ذلك البعد, ويسر لهم زيارة هذا المكان الشريف, لا أستحل منعهم"[68].
المصادر والمراجع
ابن الأثير: عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد الشيباني _ ت 630هـ
1- الكامل في التاريخ _ دار الكتاب العربي ببيروت _ 1985م.
أنتوني بردج.
1- تاريخ الحروب الصليبية - ترجمة أحمد غسان سبانو، نبيل الجيرودي - دمشق 1985م
رانسيمان ( ستيفن ) .
2- تاريخ الحروب الصليبية - الجزء الأول - تر جمة نور الدين خليل - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994م، والجزء الثاني والثالث ترجمة الدكتور السيد الباز العريني - بيروت 1982..
 

سعد العراقي راقي

قرب شاطىء العذوبة
إنضم
10 سبتمبر 2017
المشاركات
417,753
مستوى التفاعل
32,652
النقاط
655
الإقامة
العراق
رد: بحث عن صلح الرملة ، بحث علمى كامل جاهز عن صلح الرمله

تسلمين تفاحة
شكرا جزيلا لك
 

قيصر الحب

::اصدقاء المنتدى و اعلى المشاركين ::
إنضم
2 أغسطس 2016
المشاركات
369,134
مستوى التفاعل
3,187
النقاط
113
رد: بحث عن صلح الرملة ، بحث علمى كامل جاهز عن صلح الرمله

كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ
..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )