- إنضم
- 7 أغسطس 2015
- المشاركات
- 1,497,774
- مستوى التفاعل
- 216,286
- النقاط
- 1,010
- الإقامة
- السعودية _ الأحساء ♥️
أبو الفضل العباس ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وارث تلك الشمائل العلوية وحائز جل تلك الصفات الحيدرية, فالبطولة والفصاحة والعلم والسخاء والنجدة والمهابة والصلاح والتقوى والزهد والبصيرة وقوة الايمان والجمال والصباحة والقوة والذكاء. ولد عليه السلام سنة 26 هجرية فيكون عمره عند وفاة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام دون البلوغ, وقد تربى في أحضان الإمامة ونشأ في حجور العصمة وشب مرتضعاً در النبوة ونشأ في مدينة النبي طيبة مدينة الوحي عاصمة النبوة، ولا خلاف أنّه هاجر مع أبيه الامام علي ابن أبي طالب عليه السلام الى العراق مدة خلافته، ثم رجع مع اخويه الامامين الحسن والحسين (عليهما السلام) وأقام في خدمتهما حتى خرج مع اخيه الحسين عليه السلام إلى العراق مدة خلافته.
ولسيدنا العباس ابن أمير المؤمنين عليه السلام أربع كنى اثنان عرف بهما قديماً واثنان عرف بهما حديثاً عرفته به العوام، وكنيته أبو الفضل هي المشهورة حتى لا يكاد يعرف غيرها، وإن هذه الكنية له عليه السلام قد اشتقت من فضائله فإنه عليه السلام قد توسموا فيه سمات الفضل منذ الصغر وزمن الطفولية فلقبوه به وإليه يشير الشاعر:
أبا الفضل يا من أسس الفضل والابا أبى الفضل إلا أنْ تكون له أبا
حامي الظعينة أين منه ربيعة أم أين من عليا أبيه مكرم
وقد عرف أن حماية العباس (عليه السلام) للظعان كانت من حين سار الحسين (عليه السلام) من المدينة إلى أن نزل الغاضرية ، وكذلك العشرة أيام التي أقامها الحسين (عليه السلام) حتى استشهد وكان العباس أبن أمير المؤمنين (عليهما السلام) أمير الحرس الحسيني الذي يقوم بحراسة المخيم الحسيني.
وقد عقد الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أخيه أبي الفضل العباس منذ خروجه من الحجاز عقد اللواء وقد أكثر الشعراء في مراثيه (عليه السلام) من ذكر اللواء كقول بعضهم على لسان الإمام الحسين (عليه السلام):-
لمن اللوى أعطي ومن هو جامع شملي وفي ضنك الزحام يقيني
وأما صفاته البدنية فقد كان سيدنا العباس بن علي (عليهما السلام) من أحسن الناس خلقة وشكلاً وأتمهم بدناً ومحاسناً ويعدّ من رجال بني هاشم المتميزين بصفاتهم الجسمانية من الجسامة وطول القامة والجمال الباهر وكان يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض، وقد اجتمعت الصفات الأربعة وهي طول القامة وطول العنق وطول الساعد والجسامة في العباس الأكبر ابن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهما السلام)، وهذه هي البطولة العربية، فليس البطل عند العرب إلا الشجاع الجريء الطويل القامة الضخم الجسم الشديد العضد الطويل الساعد.
وأما صفاته عليه السلام الخلقية كان كريماً سخياً فلاشك أنه (عليه السلام) عاشر أكرم الخلق وأجودهم أباه علياً وأخوية الحسن والحسين (عليهما السلام) ويدل على كرمه أّنه جاد بنفسه لأخية الإمام الحسين (عليه السلام).
وجاد بالنفس إذ ضن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
بطل تورث من أبيه شجاعة فيها أنوف ذوي الضلالة ترغم
نفسي لنفس الطاهر الطهر وقا
يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أنْ تكوني
إنّ العباس ابن أمير المؤمنين قد شب ونشأ في صحبة أزهد الخلق أبيه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وأخويه الحسن والحسين (عليهما السلام) فاكتسب فضيلة الزهد ببركة صحبتهم فإنّ الطباع تتأثر بالمصاحبة، وقيل: المرء يأخذ من دين صديقه وقد قيل: ولد الفقيه نصف فقيه، فأبو الفضل العباس أولاً كان من بيت خلقهم الله للآخرة لا للدنيا فهو بطبعه وجبلته يطلب ما خلق له ويجانب ما لم يخلق له فلا يجد لنعيم الدنيا ولا لزخارفها فائدة. وأما عبادة العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السلام) فقد كانت بجميع أعضاءه فلسانه عبد الله بالذكر والشكر والدعاء والاستغفار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاية إلى إمامه وأخيه الحسين (عليه السلام)، وأما بجبهته فقد أثر به السجود وأما عينه فقد نبت بها السهم في جهاد دون إمامه وأما يداه فقطعتا من الزند بعد أن عبد بها الله أنواعاً من العبادة جاهد بها الأشرار ورفعها في الأذكار وبسطها في العطاء والسجود والركوع وغير ذلك، وأما رأسه فقد فضخت هامته بعامود الحديد وأما رجلاه فقد قام بها بكل عبادة وسعى بها إلى كل خير ومشى بها الى الجهاد وحمل الماء لعطاشى آل محمد وآخر عبادة عبد بها أنه جعل يفحص فيها حين سقط على شاطئ العلقمي مفضوخ الهامة مقطوع اليدين، وأما وجهه الكريم فقد سالت عليه الدماء في سبيل الله وسال عليه مخ اليافوخ المفضوخ، وأما صدره الشريف فقد وزعته الأسنة والسيوف والنبال المحددة، وهكذا سبيل سائر أعضائه حتى جاء في وصفه أنه إذا جمل منه جانب سقط الآخر لكثرة ضرب السيوف وطعن الرماح. وكان العباس ابن أمير المؤمنين نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع أبي عبد الله كما وصفه الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: ((أشهد أنك لم تهن ولم تنكل وأشهد أنك مضيت على بصيرة من دينك مقتدياً بالصالحين ومتبعاً للنبيين)).
وقد أبّن سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) أخيه العباس حين استشهاده فأتاه كالصقر إذا انحدر على فريسة ففرقهم يميناً وشمالا بعد أنْ قتل من المعروفين سبعين رجلاً فجاء نحو العباس (عليه السلام) وهو ينادي وا أخاه وا عباساه الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي ثم انحنى عليه ليحمله ففتح العباس عينيه فرأى أخاه الحسين (عليه السلام) يريد أن يحمله فقال له: إلى أين تريد يا أخي ؟ فقال إلى الخيمة، فقال يا أخي بحق جدك رسول الله عليك أن لا تحملني دعني في مكاني فقال (عليه السلام) لماذا؟ قال لأني مستحٍ من ابنتك سكينة وقد وعدتها بالماء ولم أتها به فوضعه في مكانه ورجع إلى الخيمة يكفكف دموعه بكمه ، فلما رأوه مقبلاً أتت إليه أبنته سكينة ولزمت عنان جواده ، وقالت: يا أبتاه هل لك علم بعمي العباس (عليه السلام) أراه أبطأ وقد وعدني بالماء وليس له عادة أن يخلف وعده، فهل شرب ماءاً وبل غليله ونسى ما وراءه أم هو يجاهد الأعداء؟ فعندها بكى الحسين (عليه السلام) وقال: يا ابنتاه إن عمك العباس قد قتل وبلغت روحه الجنان فلما سمعت زينب (عليها السلام) صرخت ونادت واأخاه واعباساه واقلة ناصراه واضيعتاه بعدك ، فقال لها الحسين (عليه السلام) إي والله واضعيتاه بعده وانقطاع ظهراه فجعلت النساء يبكين ويندبن عليه وبكى الحسين (عليه السلام) معهن. وكان للعباس (عليه السلام) من الأولاد خمسة عبيد الله والفضل والحسن والقاسم وبنتاً، وانحصر عقب العباس ابن أمير المؤمنين في ولده عبيد الله وزاد بعض العلماء العقب في الحسن بن العباس، وقد اسشتهد بعض أولاد العباس (عليه السلام) في واقعة الطف مع أبيهم وخير ما نختم به هذه المقالة أبيات للمرحوم سماحة آية الله العظمى الشيخ هادي كاشف الغطاء حيث أنشد قصيدة في سيدنا العباس ابن أمير المؤمنين في المقبولة الحسينية نقتطف بعض الأبيات منها :-
أبا الفضل قد أشبهت بالفضل حيدراً
لأنك أنت الباب للسبط مثلما
وكان وزيراً للنبي مؤيداً
وصلتَ على الأعداء صولته التي
بسيفك أبيك الدين كانت حياته
أبوك فدى الهادي النبي بنفسه
ولكنه من كيد أعدائه نجا
ظمئتَ وأرويت الثرى من دمائهم
ومنك بسيف البغي أنْ قطعوا يدا
أبوك يلاقي الجيش في خير عدة
وإنْ هو نادى أنجدته ضراغم
سوى صارماً غضب تحلى لجينه
تسير الى الهيجاء منك بجحفلٍ
وكنت معيناً للحسين وناصراً
فيا ابن علي والعلا لك شيمة
أباك فأحرزت الفخار المخلدا
أبوك عليٌ كان باباً لأحمدا
كما كنت للسبط الوزير المؤيدا
تغادر شمل الضالمين مبددا
وكنت لسبط المصطفى في الوغا فدا
ولولاكم في الطف أودى به الردى
وبت على وجه الصعيد موسدا
غداة غدى طعم الردى لك موردا
فقد كنت في المعروف أطولهم يدا
وأنت تلاقي الجيش في الحرب مفردا
وأنت إذا ناديت لم تلقَ منجدا
رقاب الأعادي من دم الترس عسجدا
من العزم ماضٍ ما ونى أو ترددا
وبعدك لم يبصر معيناً ومسعدا
لقد طبت مولوداً كما طبت مولدا