مهندس الاحساس
нυѕѕєιη αℓ яσвαєу
- إنضم
- 29 يناير 2017
- المشاركات
- 33,493
- مستوى التفاعل
- 1,175
- النقاط
- 113
- العمر
- 36
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
يستبيح ذاكرتي الوجع كلما تهيَّأت للوضوء بملوحة الدمع وصلّت بمحرابِ الحنين لِتُسكر بنبيذ الصبر عمراً له خَوَار تلاشت أيامه بين أصابع الزمن .. طقوس أشبه بالسّحر وتعاويذ تغالي بالطهر تلك التي تجتاحني كلما عزف أطيط ذاكرتي الجائعة سيمفونية الطفولة وسنين تجاوزت حد الخرافة تتصارع فيها الأيام بضراوة تحلو أحيانا وتجرع الحنظل أحايين كثيرة ما زلت أذكرها إلى الآن لم تغب عن بالي أبدا ذكريات تلك الأيام التي كان نثيث رهام أرضها تعشقه الأنوف وتكتحل بـ ( الخرنوگ )عينيها الناعستين ويليق بشفتيها لون ( الشفلح ) الأحمر .. أيام ينبلج خيطها الأبيض على صياح الديكة و نداء كان يتردد بصوت انثوي في ساعات الصباح الأولى ( شرلچن گيمر ) والممزوج بمعزوفة طقطقة رغيف أمي وهي تضربه بتنور الطين .. صباحات كانت تتنفس رائحة الهيل المتصاعدة مع البخار من بلبولة قوري الصين المُخدّر بجمر ( الرمث ) أو كُرْب جذع النخل .. صباحات تملأ شوارعها المرشوشة بالماء أجسام صغيرة تتأبط حقائبها المدرسية وتهتز أكتافها يميناً وشمالاً كالإبل الرَّاقصات .. صباحات كانت تتأنق بأناقة المعلمين قبل أن يخدش الحصار أناقتهم الرتيبة وتتعطر برائحة طين ( الخَاوة ) وتتداخل فيها أصوات باعة ( ماء اللقاح والسبعمايات والطرشي المدبس والكركم و الگوگلله والطرطير والحندگوگ ورشاد البر والنبگ والبمبر والتوت والتمور بأنواعها البرحي والحلاوي والزهدي والساير ) وتزدحم ازقتها ودرابينها الضيقة بالباعة الراجلة او أولئك الذين يمتطون صهوة جواد ( أحصين أبليس ) فهناك حداد السكاكين والمناجل والخياط المتجول وحتى العرافات والكشافات والغجريات كان لهن بصمة حضور .. ما أسمي هذه الأشياء المتغلغلة في مخيلتي والتي تجعلني أتقيأ أعماقي وأظل اثرثر بلا وعي كلما نصبت أعواد مشانق تتدلى من حبالها رؤوس أيام لا يمكن استرجاعها أو استنساخها مرة أخرى وتأبى إلا أن تتراءى في أجزاء من الذاكرة فتجرجرني إلى أيام كانت رائحة ( أبو مغيرة ) تسحبنا إلى ماءه البارد الثَّجَّاج في نهارات صيف البصرة القائظ ونعود بعدها محملين بوخزات العاقول وجراح الحلّفة . . .
