- إنضم
- 26 يونيو 2023
- المشاركات
- 121,970
- مستوى التفاعل
- 120,376
- النقاط
- 2,508
تشرين اكتوبر
يشبه ممرًّا طويل، تكسوه المرايا العمياء، حيث كل مرآة تعكس ظلًّا لا يجرؤ على أن يكون وجهًا كاملاً. الحكايا التي وُلدت على ضوء السهر لم تكن مجرد قصصٍ تُروى لتملأ فراغ العتمة، بل كانت كائنات حيّة تتنفس بين الشفاه، كطيورٍ من ورقٍ تُقلّبها الرياح في أروقة الليل. كانت تعزف لحنًا لا يُشبه أي لحنٍ آخر: خليط من حنينٍ صاخب وخوفٍ مكتوم، نغمة لقاءٍ لم يكتمل، كأنه وُلد كي يعيش في مساحة مؤقتة بين القلب والعدم.
لكن الزمن، يملك سطوة لا ترحم. هو السيّد القديم الذي جلس على عرشه قبل أن نعرف معنى الحكاية، وقبل أن نتعلّم لغة الشوق. وما من حكاية تستطيع أن تقاوم قوانينه إلا إذا كانت ممهورة بدمٍ أو دمعة. ومع مرور الأيام، بدأت تلك الحكايا تتساقط كما أوراق الخريف، لا بضجيج، بل بخفوتٍ يشبه الاعتراف الأخير قبل الموت. الورقة الأولى تسقط، فتظنها زلة ريح. الثانية تهوي، فتقول: ما زال في الشجرة حياة. الثالثة والرابعة... حتى تغدو الأرض سجادة من الذكريات اليابسة، والشجرة عارية، واقفة كهيكلٍ بلا روح.
حكايا تشرين حين تتساقط، لا تختفي. بل تظلّ راقدة في التربة، تتحلّل ببطء، وتغذّي شيئًا لا نراه. وربما لهذا السبب تبقى أرواحنا مشدودة إلى ليالٍ بعيدة، إلى لحظات كنا نظنها عابرة فإذا بها تُقيم فينا كما يقيم الغبار في زوايا البيوت القديمة. نحن لا نفقد الحكايا حقًا، بل نتحوّل نحن أنفسنا إلى مقبرة لها، نحملها في صدورنا كما يحمل البحر حطام السفن الغارقة في عمقه.

لكن الزمن، يملك سطوة لا ترحم. هو السيّد القديم الذي جلس على عرشه قبل أن نعرف معنى الحكاية، وقبل أن نتعلّم لغة الشوق. وما من حكاية تستطيع أن تقاوم قوانينه إلا إذا كانت ممهورة بدمٍ أو دمعة. ومع مرور الأيام، بدأت تلك الحكايا تتساقط كما أوراق الخريف، لا بضجيج، بل بخفوتٍ يشبه الاعتراف الأخير قبل الموت. الورقة الأولى تسقط، فتظنها زلة ريح. الثانية تهوي، فتقول: ما زال في الشجرة حياة. الثالثة والرابعة... حتى تغدو الأرض سجادة من الذكريات اليابسة، والشجرة عارية، واقفة كهيكلٍ بلا روح.
حكايا تشرين حين تتساقط، لا تختفي. بل تظلّ راقدة في التربة، تتحلّل ببطء، وتغذّي شيئًا لا نراه. وربما لهذا السبب تبقى أرواحنا مشدودة إلى ليالٍ بعيدة، إلى لحظات كنا نظنها عابرة فإذا بها تُقيم فينا كما يقيم الغبار في زوايا البيوت القديمة. نحن لا نفقد الحكايا حقًا، بل نتحوّل نحن أنفسنا إلى مقبرة لها، نحملها في صدورنا كما يحمل البحر حطام السفن الغارقة في عمقه.