لم يؤمن أينشتاين بوجودها , وكرّس هوكينج الكثير من حياته لدراستها.. أذهلت وفتنت العلماء والفلكيين. وان كان العالم يتفق اليوم على وجودها, الا انها ما زالت تحمل الكثير والكثير من الاسرار.
انها الثقوب السوداء.
(سخيف! ) انفجر عالم الفلك الإنجليزي والفيزيائي الفلكي آرثر إدينغتون عندما توصل عام 1935 إلى نتائج مدهشة حول انهيار الجاذبية للنجوم. لبعض الوقت ، عمل ادينغتون مع الحسابات الرياضية لما يحدث للنجوم ذات الأحجام المختلفة عندما ينفد الوقود.
خلال عمله ، استخدم معادلات من النظرية النسبية العامة ، التي طورها ألبرت أينشتاين قبل 20 عامًا. استنتج إدينغتون أنه في بعض الحالات يمكن أن يؤدي انهيار نجم إلى خلق ما نسميه اليوم الثقب الأسود.
بدلاً من ذلك ، كان على إدينغتون أن يصرخ
Eureka!) او (لقد وجدتها!) , فقد كانت حساباته دقيقة للغاية. على الرغم من أنه لم يستطع قبول نتيجة ما توصل اليه، الا ان العديد من الفيزيائيين الاخرين قد قبلوا ما توصلت اليه حسابات ادينغتون.
ارثر ادينغتون واينشتاين
في العقود التالية تحولت النظرية النسبية و فكرة الثقوب السوداء في الكون من مجرد تكهنات رياضية بحتة الى حقيقة مادية.
نعلم اليوم أن الثقوب السوداء تلعب دورا حاسما في الظواهر التي يمكننا ملاحظتها حولنا ، سواء في مجرتنا درب التبانة أو في المجرات التي تقع على بعد مليارات السنين الضوئية من هنا. ولا تزال نظرية النسبية هي أفضل مفتاح لدينا لفهمها.
الثقب الأسود هو جسم سماوي له كتلة كبيرة ضمن منطقة صغيرة بحيث تصبح الجاذبية قوية بشكل لا يصدق , لدرجة أنه لا يمكن للضوء أن يفلت منها. لهذا السبب نطلق عليه ثقب أسود. كان الفيزيائي الأول الذي استخدم المصطلح هو الأمريكي جون ويلر ، عام 1967. ومع ذلك ، فإن فكرة أن الجاذبية يمكن أن تعيق الضوء أقدم بكثير من ذلك.
وللعثور على أول العلماء الذين عملوا على تلك الفكرة ، يجب أن نعود إلى الثمانينيات من القرن التاسع عشر ، أي قبل 150 عام من بزوغ نجم ادينغتون. احد أولئك العلماء كان جون ميشيل. مثل العديد من علماء الطبيعة في ذلك الوقت ، كان لديه خلفية لاهوتية ، وفي كنيسته في ثورنهيل ، إنجلترا ، إضافة لعمله الكهنوتي كرّس وقته أيضا للدراسات العلمية.
جون ميشيل
ركب جون ميشيل موجة التفكير الرياضي التي أطلقها إسحاق نيوتن قبل مائة عام من خلال قانون الجاذبية ، والتي بموجبها تكون القوى التي تحمل الكواكب في المدار حول الشمس هي نفس القوى التي تتسبب في سقوط تفاحة على الأرض.
كان من الشائع في زمن ميشيل النظر إلى الضوء على أنه جسيم له كتلة كأي جسيم أخرى. ذلك جعل ميشيل يتساءل عما يحدث للضوء عندما ينبعث من نجم. فإذا كان النجم كبيرًا بما يكفي ، فإن الجاذبية ستؤثر على جزيئات الضوء وتبطئ من حركتها، وإذا كان النجم أكبر فقد لن يتمكن الضوء من الانطلاق أساسا.
أطلق ميشيل على هذا الجسم السماوي اسم "النجم المظلم". كان يعتقد أنه يجب أن يكون هناك عدد كبير من النجوم الضخمة التي لا يمكننا رؤيتها لأن الضوء لا يتركها ولا ينطلق منها.
لقد كان استنتاجا معقولا ، فهي تذكر بمفاهيمنا عن الثقوب السوداء ، لكن لم تتهيأ الظروف لميشيل ليعرف ان تلك الاجسام ما هي الا الثقوب السوداء. فقد كان ميشيل يفتقر إلى المعرفة في ثلاثة مجالات:
أولا: افترض ميشيل أن للضوء كتلة ويمكن أن يتأثر بالجاذبية. ونحن نعلم اليوم أن الضوء ليس له كتلة.
ثانيا: لم يكن ميشيل يعرف أن النجوم من الحجم الذي تخيله غير مستقرة جدا في الوجود , فنحن نعلم اليوم أنها ستنهار وتشكل ثقبا أسودا.
ثالثا : افتقر ميشيل إلى فهم أعمق لكيفية عمل الجاذبية. اليوم ، بفضل نظرية النسبية العامة لأينشتاين ، لدينا صورة مختلفة تماما عن العلاقة بين الكتلة والفضاء والوقت والضوء.
تحتوي نظرية آينشتاين على ما يسمى بمعادلات المجال، التي تصف الفضاء بطريقة مختلفة تماما عما نشعر به. ففي حياتنا اليومية ندرك ان العالم الخارجي يتشكل من ثلاثة أبعاد مادية ، ولكن في عالم أينشتاين يضاف الى تلك الابعاد الثلاثة بعدٌ رابع , وهو الزمن.. ليكون لدينها الزمكان, حيث تؤثر جميع الاجسام الفضائية ذات الكتلة على الزمكان وتجعله منحنيا.
باختصار ، ان العلاقة بين الكتلة والزمكان:
- تؤثر الكتلة على الزمكان وتجدد كيفية انحناءه.
- يؤثر الزمكان على الكتلة ويقرر كيفية تحركها .
إذا أخذنا كوكب الأرض كمثال ، يمكننا أن نرى أمامنا أن كتلة الكوكب تخلق انخفاضا على شكل وعاء في الزمكان. يوضح هذا الانخفاض مجال الجاذبية.
والسبب وراء دوران القمر حول الأرض هو أنه "يتدحرج" على طول حافة الانخفاض. كلما كان الجسم السماوي أثقل ، كلما كان الوعاء او الانخفاض اعمق.
في معادلات أينشتاين للمجال ، يمكن للفيزيائيين إدخال احجام مختلفة لمعرفة تأثيرها على الزمكان. على سبيل المثال ، إذا أعطوا جسما فضائيا صغيرا للغاية كتلة كبيرة جدا ، يصبح انحناء الزمكان كبيرا جدا بحيث وكأن ذلك الجسم يخلق بئرا عميقا في الزمكان ، يسمى ببئر الجاذبية.
وإذا كان الجسم السماوي الثقيل صغير جدا ، بحيث لا يكاد يكون لديه أي توزيع مكاني على الإطلاق ، يحدث ما هو أكثر إثارة للإعجاب. هنا يصبح بئر الجاذبية عميقا جدا بحيث يتوقف تطبيق قانون الجاذبية الكلاسيكي لنيوتن. وهذا بالضبط ما يحصل للثقب الأسود.
في الواقع لم يكن اينشتاين صاحب الفضل كله في هذا الاكتشاف. ففي عام 1915 وبعد ان نشر اينشتاين النظرية النسبية العامة اكتشف الفيزيائي الألماني كارل شوارزشيلد بفضل معادلات اينشتاين انه اذا تم ضغط جسما ما الى حجم صغير جدا فانه سيتسبب في حالة من السحب الثقيل جدا في الزمكان ما يجعل الضوء نفسه غير قادر من الإفلات منه. لم يتوصل ذلك العالم الألماني الى وجود الثقوب السوداء فحسب, بل أيضا توقع ان هناك ممرات تربط بينها, ولكنها سريعة الانهيار فلا يمكن لأي شيء ان ينفد منها.
كارل شوارزشيلد
هذه النتائج لم تكن مقبولة آنذاك في الأوساط العلمية, ولا حتى من انشتاين نفسه. اذا اعتبر العلماء آنذاك ان حسابات شوارزشيلد ما هي الا افتراضات رياضية لا علاقة لها بالواقع.
الا ان عام 1939 أعاد اينشتاين صياغة تلك الأفكار, ليقترح فعلا وجود ممرا بين نقطتين في الزمكان تسمح بمرور المادة بين ثقبين احدهما اسود والأخر ابيض. ويسمى ذلك الممر بالثقب الدودي.
اكتفي بهذا القدر حتى الان ونلتقي في الجزء الثاني
حصريا لمنتديات فخامة العراق
انها الثقوب السوداء.
(سخيف! ) انفجر عالم الفلك الإنجليزي والفيزيائي الفلكي آرثر إدينغتون عندما توصل عام 1935 إلى نتائج مدهشة حول انهيار الجاذبية للنجوم. لبعض الوقت ، عمل ادينغتون مع الحسابات الرياضية لما يحدث للنجوم ذات الأحجام المختلفة عندما ينفد الوقود.
خلال عمله ، استخدم معادلات من النظرية النسبية العامة ، التي طورها ألبرت أينشتاين قبل 20 عامًا. استنتج إدينغتون أنه في بعض الحالات يمكن أن يؤدي انهيار نجم إلى خلق ما نسميه اليوم الثقب الأسود.
بدلاً من ذلك ، كان على إدينغتون أن يصرخ
Eureka!) او (لقد وجدتها!) , فقد كانت حساباته دقيقة للغاية. على الرغم من أنه لم يستطع قبول نتيجة ما توصل اليه، الا ان العديد من الفيزيائيين الاخرين قد قبلوا ما توصلت اليه حسابات ادينغتون.
ارثر ادينغتون واينشتاين
في العقود التالية تحولت النظرية النسبية و فكرة الثقوب السوداء في الكون من مجرد تكهنات رياضية بحتة الى حقيقة مادية.
نعلم اليوم أن الثقوب السوداء تلعب دورا حاسما في الظواهر التي يمكننا ملاحظتها حولنا ، سواء في مجرتنا درب التبانة أو في المجرات التي تقع على بعد مليارات السنين الضوئية من هنا. ولا تزال نظرية النسبية هي أفضل مفتاح لدينا لفهمها.
الثقب الأسود هو جسم سماوي له كتلة كبيرة ضمن منطقة صغيرة بحيث تصبح الجاذبية قوية بشكل لا يصدق , لدرجة أنه لا يمكن للضوء أن يفلت منها. لهذا السبب نطلق عليه ثقب أسود. كان الفيزيائي الأول الذي استخدم المصطلح هو الأمريكي جون ويلر ، عام 1967. ومع ذلك ، فإن فكرة أن الجاذبية يمكن أن تعيق الضوء أقدم بكثير من ذلك.
وللعثور على أول العلماء الذين عملوا على تلك الفكرة ، يجب أن نعود إلى الثمانينيات من القرن التاسع عشر ، أي قبل 150 عام من بزوغ نجم ادينغتون. احد أولئك العلماء كان جون ميشيل. مثل العديد من علماء الطبيعة في ذلك الوقت ، كان لديه خلفية لاهوتية ، وفي كنيسته في ثورنهيل ، إنجلترا ، إضافة لعمله الكهنوتي كرّس وقته أيضا للدراسات العلمية.
جون ميشيل
ركب جون ميشيل موجة التفكير الرياضي التي أطلقها إسحاق نيوتن قبل مائة عام من خلال قانون الجاذبية ، والتي بموجبها تكون القوى التي تحمل الكواكب في المدار حول الشمس هي نفس القوى التي تتسبب في سقوط تفاحة على الأرض.
كان من الشائع في زمن ميشيل النظر إلى الضوء على أنه جسيم له كتلة كأي جسيم أخرى. ذلك جعل ميشيل يتساءل عما يحدث للضوء عندما ينبعث من نجم. فإذا كان النجم كبيرًا بما يكفي ، فإن الجاذبية ستؤثر على جزيئات الضوء وتبطئ من حركتها، وإذا كان النجم أكبر فقد لن يتمكن الضوء من الانطلاق أساسا.
أطلق ميشيل على هذا الجسم السماوي اسم "النجم المظلم". كان يعتقد أنه يجب أن يكون هناك عدد كبير من النجوم الضخمة التي لا يمكننا رؤيتها لأن الضوء لا يتركها ولا ينطلق منها.
لقد كان استنتاجا معقولا ، فهي تذكر بمفاهيمنا عن الثقوب السوداء ، لكن لم تتهيأ الظروف لميشيل ليعرف ان تلك الاجسام ما هي الا الثقوب السوداء. فقد كان ميشيل يفتقر إلى المعرفة في ثلاثة مجالات:
أولا: افترض ميشيل أن للضوء كتلة ويمكن أن يتأثر بالجاذبية. ونحن نعلم اليوم أن الضوء ليس له كتلة.
ثانيا: لم يكن ميشيل يعرف أن النجوم من الحجم الذي تخيله غير مستقرة جدا في الوجود , فنحن نعلم اليوم أنها ستنهار وتشكل ثقبا أسودا.
ثالثا : افتقر ميشيل إلى فهم أعمق لكيفية عمل الجاذبية. اليوم ، بفضل نظرية النسبية العامة لأينشتاين ، لدينا صورة مختلفة تماما عن العلاقة بين الكتلة والفضاء والوقت والضوء.
تحتوي نظرية آينشتاين على ما يسمى بمعادلات المجال، التي تصف الفضاء بطريقة مختلفة تماما عما نشعر به. ففي حياتنا اليومية ندرك ان العالم الخارجي يتشكل من ثلاثة أبعاد مادية ، ولكن في عالم أينشتاين يضاف الى تلك الابعاد الثلاثة بعدٌ رابع , وهو الزمن.. ليكون لدينها الزمكان, حيث تؤثر جميع الاجسام الفضائية ذات الكتلة على الزمكان وتجعله منحنيا.
باختصار ، ان العلاقة بين الكتلة والزمكان:
- تؤثر الكتلة على الزمكان وتجدد كيفية انحناءه.
- يؤثر الزمكان على الكتلة ويقرر كيفية تحركها .
إذا أخذنا كوكب الأرض كمثال ، يمكننا أن نرى أمامنا أن كتلة الكوكب تخلق انخفاضا على شكل وعاء في الزمكان. يوضح هذا الانخفاض مجال الجاذبية.
والسبب وراء دوران القمر حول الأرض هو أنه "يتدحرج" على طول حافة الانخفاض. كلما كان الجسم السماوي أثقل ، كلما كان الوعاء او الانخفاض اعمق.
في معادلات أينشتاين للمجال ، يمكن للفيزيائيين إدخال احجام مختلفة لمعرفة تأثيرها على الزمكان. على سبيل المثال ، إذا أعطوا جسما فضائيا صغيرا للغاية كتلة كبيرة جدا ، يصبح انحناء الزمكان كبيرا جدا بحيث وكأن ذلك الجسم يخلق بئرا عميقا في الزمكان ، يسمى ببئر الجاذبية.
وإذا كان الجسم السماوي الثقيل صغير جدا ، بحيث لا يكاد يكون لديه أي توزيع مكاني على الإطلاق ، يحدث ما هو أكثر إثارة للإعجاب. هنا يصبح بئر الجاذبية عميقا جدا بحيث يتوقف تطبيق قانون الجاذبية الكلاسيكي لنيوتن. وهذا بالضبط ما يحصل للثقب الأسود.
في الواقع لم يكن اينشتاين صاحب الفضل كله في هذا الاكتشاف. ففي عام 1915 وبعد ان نشر اينشتاين النظرية النسبية العامة اكتشف الفيزيائي الألماني كارل شوارزشيلد بفضل معادلات اينشتاين انه اذا تم ضغط جسما ما الى حجم صغير جدا فانه سيتسبب في حالة من السحب الثقيل جدا في الزمكان ما يجعل الضوء نفسه غير قادر من الإفلات منه. لم يتوصل ذلك العالم الألماني الى وجود الثقوب السوداء فحسب, بل أيضا توقع ان هناك ممرات تربط بينها, ولكنها سريعة الانهيار فلا يمكن لأي شيء ان ينفد منها.
كارل شوارزشيلد
هذه النتائج لم تكن مقبولة آنذاك في الأوساط العلمية, ولا حتى من انشتاين نفسه. اذا اعتبر العلماء آنذاك ان حسابات شوارزشيلد ما هي الا افتراضات رياضية لا علاقة لها بالواقع.
الا ان عام 1939 أعاد اينشتاين صياغة تلك الأفكار, ليقترح فعلا وجود ممرا بين نقطتين في الزمكان تسمح بمرور المادة بين ثقبين احدهما اسود والأخر ابيض. ويسمى ذلك الممر بالثقب الدودي.
اكتفي بهذا القدر حتى الان ونلتقي في الجزء الثاني
حصريا لمنتديات فخامة العراق
