ابن الانبار
::اصدقاء المنتدى و اعلى المشاركين ::
الف أ.د كريم مطر الزبيدي التدريسي بقسم التاريخ بكلية التربية للعلوم الانسانية بحثا بعنوان (الفكر السياسي عند هبة الدين الشهرستاني.) الذي يعد من عظماء المصلحين في القرن الماضي ، ولم تقتصر خطته الاصلاحية على جانب معين ، او وجه واحد من وجوه الاصلاح ، بل كانت تمتاز بالشمولية التامة وتستوعب حاجات الفرد والمجتمع على حد سواء ، وكان من اتساع الفكر وثقوب الرأي المعززين بمضاء العزم وشدة الحزم على نحو لفت اليه انضار كبار الساسة ورجال الاصلاح في العالم فأتصلو به كما اتصل بهم وتبادل معهم وجهات النظر من اجل صياغة الحلول الجذرية للمشكلات والمفاسد الاجتماعية . اتخذت الرؤى الإصلاحية- التجديدية في نشاط هبة الدين الحسيني الشهرستاني بعداً سياسيا- فكراً ومواقف – طول حياته فقد عالج في كتاباته مفاهيم وقضايا سياسية، شكلت هذه المفاهيم في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، هاجساً من هواجس النخبة المثقفة العراقية يومذاك، لان السياسة في مفاهيمها النبيلة لا تتعارض عنده و(قيم الدين الإسلامي الحنيف) بل هي (عين الدين) و (حسن التدبر) في إدارة شؤون المجتمع، إذ (لا فضل بين الدين والسياسة) في رأيه. كانت (الحرية) في مقدمة ما سعى إلى شرحه وبيان مضمونه إلى مجتمعه، فهي لديه لا تختص بمجتمع دون أخر ولا بموضوع دون سواه، فهي تشكل عنده احد الأركان الخمس لبناء شخصية الإنسان العصري لما لها من صلة وثقى في (طلاقة الفكر) التي تبيح لـ(عقله) سبر أغوار الأمور فتمكنه من الوصول إلى الحقيقة بلا عوائق، ومن ثم فهم صحيح لمختلف العلوم والمعارف الجديدة، لذا أطلق على كل إنسان مجدد مستضيء الفكر ومتنور الفهم مصطلح حر. وانسجاما مع هذا وقف السيد الشهرستاني بحزم إزاء فتوى التكفير الصادر بحق الشاعر المفكر جميل صدقي الزهاوي بسبب آراؤه حول حرية المرأة وانتقاده لعبوديتها المزرية في مجتمعات الشرق، فقد دافع عنه هبة الدين الحسيني بصلابة حذر فيها من مغبة إطلاق الفتوى كيفما اتفق وفي غير تبصر وروية، واصدر في عام 1910 رسالة جاءت في إحدى عشرة صفحة عنوانها تهديد الحاكمين بكفر المسلم، بين فيها بروح ملؤه الانتقاد والإدانة أن أعتى ما ورثته البلاد من شرور سلطة الاستبداد هو سياسة (تكفير المسلم) بلا حجة مسوغة أو دليل شرعي مقبول، مؤكداً أهمية العزوف عن أمثال هذه الأحكام الجائرة . وتصدى لموضوع الديمقراطية معنىً ودوراً فهي عنده من المقومات الأساسية لأي مجتمع يطمح إلى الرفاه والاستقرار، وهي إرادة الشعب في تحديد شكل النظام السياسي عن طريق حق الانتخاب والحكم والشورى سبلا جوهرية آمن بها من أجل القضاء على التمايز بين عامة الشعب والفئات المترفة أو كما اسماها الارستقراطية، فلا فقر مدقع ولا غنى فاحش فاقترن بذلك معنى الديمقراطية لديه بمفهوم العدالة الاجتماعية. أكد السيد هبة الدين وجوب تأسيس الأحزاب والجمعيات في دول الشرق على حد سواء سياسية كانت أم اجتماعية، محرضاً على اقتفاء اثر الغرب بهذا الخصوص مع تشديده على ما يتوافق هو فهم الإسلام. موضحاً أن من بين أوضح مظاهر الديمقراطية هي الانتخابات البرلمانية الحرة المنزهة عن تدخل السلطة وممارستها في الترغيب والترهيب لان شرعية الانتخابات تعزز مصداقية البرلمان وأعضائه، وحدد بدقة معنى المواطنة والوطنية مشيرا إلى أن للمواطن حقوقاً كحق التربية والتعليم وإيجاد المأوى والغذاء فضلا عن صيانة حرياته وممتلكاته من أي اعتداء فإن عليه واجبات يقف في مقدمتها الذود عن حياض الوطن، ولا سيما مواجهة كل أشكال النفوذ والتغلغل الاستعماري الأوربي سواء أكان غير مباشر كالامتيازات الاقتصادية أو مباشرا يستهدف احتلال البلاد بقوة السلاح . كانت الوحدة العربية في إطارها الإسلامي من بين ابرز تطلعاته التي طالما اعتقد أنها السبيل الأساس لمقاومة قوى الغرب المهيمنة على ثروات العرب وأرضهم مبينا من خلال تتبعه للمقومات النهوض العربي في صدر الرسالة الإسلامية ان العرب قادرون إذما عقد العزم بينة صادقة على تحقيق امة واحدة عزيزة الجانب ودائمة الخلود وعلى أن يحيوا أمجادهم الغابرة في إطار دولة ذات شأو بعيد بين الأمم . وكانت الاشتراكية موضوعا عالجه بتوازن لم ينكر فيه على الفرد حق التملك عادا الملكية الشخصية غريزة من الغرائز البشرية المتأصلة فيه لا يمكن تجاوزها او إلغاؤها، غير أن هذا الحق ليس مطلقا بلا حدود كما هو الحال في النظام الرأسمالي، إنما هو خاضع لشرط أساسي تتوازن فيه الملكية الفردية وحقوق الجميع في المجتمع فلا إفراط بحق الفرد ولا تفريط بحقوق المجتمع. وتماشيا مع آرائه هذه استنكر على النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق قراراته بمصادرة أملاك المواطنين دونما أسس شرعية منبعها ان إلغاء الملكيات الفردية سيكون على المدى البعيد احد ابرز عوامل الانهيار للسوفيت وعدم نجاح الشيوعية في البلاد العربية