هذه بعض الروايات التي تدل على المستوى العالي لشجاعة وقوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأثرها في نصرة الإسلام وقمع الكفر وأهله.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ) قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ.
رواه الترمذي (3681) وقال : "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (3 / 509).
وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ) رواه الحاكم (3 / 83) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ " ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7 / 48)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (7 / 682).
وروى البخاري في صحيحه (3863 ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ ).
قال ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قوله: (مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ) أي لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر الله " انتهى، من "فتح الباري" (7 / 48).
فلو كان عمر رضي الله عنه يفر من الحروب ولا يشارك فيها ، فكيف يكون في إسلامه عز للإسلام والمسلمين ؟!
بل كان كفار قريش يعرفون لعمر هيبته ومكانته في الحروب ، وأنه من أخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَقِينَا المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ – أي يوم معركة أحد -، وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ، وَقَالَ: لاَ تَبْرَحُوا، إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا. فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا، حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الجَبَلِ، رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ، قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ تَبْرَحُوا، فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ، فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا، وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: لاَ تُجِيبُوهُ. فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ: لاَ تُجِيبُوهُ. فَقَالَ: أَفِي القَوْمِ ابْنُ الخَطَّابِ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ قُتِلُوا، فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ ...) رواه البخاري (4043).
فلو كان عمر رضي الله عنه يفر من الحروب ولا يشارك فيها، فلماذا يفرح أبو سفيان رئيس المشركين يومئذ لما ظن أن عمر قد قتل؟!
بل نرى عمر رضي الله عنه من فرط شجاعته وحبه لقمع الكفار ، يصر على محاربة قريش أثناء صلح الحديبية.
عن أَبي وَائِلٍ، قَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ فَقَالَ: بَلَى.
فَقَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَعَلاَمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟
أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟
فَقَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا.
فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا.
فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟
قَالَ: نَعَمْ ) رواه البخاري (3182).