أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ) [غافر : 36]

يقول تعالى مخبرا عن فرعون ، وعتوه ، وتمرده ، وافترائه في تكذيبه موسى - عليه السلام - أنه أمر وزيره هامان أن يبني له صرحا ، وهو : القصر العالي المنيف الشاهق . وكان اتخاذه من الآجر المضروب من الطين المشوي ، كما قال :
( فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا ) [ القصص : 38 ].
ولهذا قال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون البناء بالآجر ، وأن يجعلوه في قبورهم . رواه ابن أبي حاتم .

( أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ) [غافر : 37]

وقوله : ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات )
قال سعيد بن جبير ، وأبو صالح : أبواب السماوات .
وقيل : طرق السماوات.
( فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) ، وهذا من كفره وتمرده ، أنه كذب موسى في أن الله - عز وجل - أرسله إليه ، قال الله تعالى :
( وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل ) أي : بصنيعه هذا الذي أراد أن يوهم به الرعية أنه يعمل شيئا يتوصل به إلى تكذيب موسى - عليه السلام - ولهذا قال تعالى :
( وما كيد فرعون إلا في تباب )
قال ابن عباس [ رضي الله عنهما ] ، ومجاهد :
يعني إلا في خسار .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر : 38]

يقول المؤمن لقومه ممن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا ، ونسي الجبار الأعلى ، فقال لهم :
( يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ) لا كما كذب فرعون في قوله :
( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) .

( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) [غافر : 39]

ثم زهدهم في الدنيا التي [ قد ] آثروها على الأخرى ، وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال :
( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ) أي : قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب [ وتزول ] وتضمحل.
( وإن الآخرة هي دار القرار ) أي : الدار التي لا زوال لها ، ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها ، بل إما نعيم وإما جحيم ، ولهذا قال

( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر : 40]

( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ) أي : واحدة مثلها
( ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ) أي : لا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله ثوابا كثيرا لا انقضاء له ولا نفاد .

( وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) [غافر : 41]

يقول لهم المؤمن : ما بالي أدعوكم إلى النجاة ، وهي عبادة الله وحده لا شريك له وتصديق رسوله الذي بعثه

( تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) [غافر : 42]

( وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم ) أي : جهل بلا دليل.
( وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ) أي : هو في عزته وكبريائه يغفر ذنب من تاب إليه ،
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) [غافر : 43]

( لا جرم أنما تدعونني إليه ) يقول : حقا .

قال السدي وابن جرير : معنى قوله : ( لا جرم ) حقا .

وقال الضحاك : ( لا جرم ) لا كذب .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( لا جرم ) يقول : بلى ، إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد ( ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة )

قال مجاهد : الوثن ليس بشيء .

وقال قتادة : يعني الوثن لا ينفع ولا يضر .

وقال السدي : لا يجيب داعيه ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

وهذا كقوله تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ].
( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) [ فاطر : 14 ] .

وقوله : ( وأن مردنا إلى الله ) أي : في الدار الآخرة ، فيجازي كلا بعمله ; ولهذا قال :
( وأن المسرفين هم أصحاب النار ) أي : خالدين فيها بإسرافهم ، وهو شركهم بالله .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) [غافر : 44]

( فستذكرون ما أقول لكم ) أي : سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به ونهيتكم عنه ، ونصحتكم ووضحت لكم ، وتتذكرونه ، وتندمون حيث لا ينفعكم الندم.
( وأفوض أمري إلى الله ) أي : وأتوكل على الله وأستعينه ، وأقاطعكم وأباعدكم.
( إن الله بصير بالعباد ) أي : هو بصير بهم ، فيهدي من يستحق الهداية ، ويضل من يستحق الإضلال ، وله الحجة البالغة ، والحكمة التامة ، والقدر النافذ .

( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) [غافر : 45]

وقوله [ تعالى ] : ( فوقاه الله سيئات ما مكروا ) أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فنجاه الله مع موسى - عليه السلام - وأما في الآخرة فبالجنة.
( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) وهو : الغرق في اليم ، ثم النقلة منه إلى الجحيم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر : 46]

فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة ، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار ; ولهذا قال :
( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) أي : أشده ألما وأعظمه نكالا .
وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، وهي قوله : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) .

ولكن هاهنا سؤال ، وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية ، وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ ، وقد قال الإمام أحمد :

حدثنا هاشم - هو ابن القاسم أبو النضر - حدثنا إسحاق بن سعيد - هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص - حدثنا سعيد - يعني أباه - عن عائشة أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية :
وقاك الله عذاب القبر .
قالت : فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي فقلت :
يا رسول الله ، هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟
قال : " لا وعم ذلك ؟ "
قالت : هذه اليهودية ، لا نصنع إليها شيئا من المعروف إلا قالت :
وقاك الله عذاب القبر .
قال : " كذبت يهود . وهم على الله أكذب ، لا عذاب دون يوم القيامة " .
ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث ، فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه ، محمرة عيناه ، وهو ينادي بأعلى صوته :
" القبر كقطع الليل المظلم - أيها الناس - لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا - أيها الناس - استعيذوا بالله من عذاب القبر ، فإن عذاب القبر حق " .

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ولم يخرجاه .

وروى أحمد :
حدثنا يزيد ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - قال : سألتها امرأة يهودية فأعطتها ، فقالت لها :
أعاذك الله من عذاب القبر .
فأنكرت عائشة ذلك ، فلما رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت له.
فقال : " لا " .
قالت عائشة : ثم قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : " وإنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " .

وهذا أيضا على شرطهما .

فيقال : فما الجمع بين هذا وبين كون الآية مكية ، وفيها الدليل على عذاب البرزخ ؟
والجواب : أن الآية دلت على عرض الأرواح إلى النار غدوا وعشيا في البرزخ ، وليس فيها دلالة على اتصال تألمها بأجسادها في القبور ، إذ قد يكون ذلك مختصا بالروح ، فأما حصول ذلك للجسد وتألمه بسببه فلم يدل عليه إلا السنة في الأحاديث المرضية الآتي ذكرها .

وقد يقال إن هذه الآية إنما دلت على عذاب الكفار في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يعذب المؤمن في قبره بذنب ، ومما يدل على هذا ما رواه الإمام أحمد :

حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة من اليهود ، وهي تقول :
أشعرت أنكم تفتنون في قبوركم ؟
فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال :
" إنما يفتن يهود "
قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ؟ "
وقالت عائشة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد يستعيذ من عذاب القبر .

وهكذا رواه مسلم ، عن هارون بن سعيد وحرملة ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري به .

وقد يقال : إن هذه الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ ، ولا يلزم من ذلك أن يتصل بالأجساد في قبورها ، فلما أوحي إليه في ذلك بخصوصيته استعاذ منه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقد روى البخاري من حديث شعبة ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - أن يهودية دخلت عليها فقالت :
أعاذك الله من عذاب القبر . فسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر ؟
فقال : " نعم عذاب القبر حق " . قالت عائشة : فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر .

فهذا يدل على أنه بادر إلى تصديق اليهودية في هذا الخبر ، وقرر عليه . وفي الأخبار المتقدمة : أنه أنكر ذلك حتى جاءه الوحي ، فلعلهما قضيتان ، والله أعلم ، وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا .

وقال قتادة في قوله :
( غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ، ما بقيت الدنيا ، يقال لهم : يا آل فرعون ، هذه منازلكم ، توبيخا ونقمة وصغارا لهم .

وقال ابن زيد : هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا المحاربي ، حدثنا ليث ، عن عبد الرحمن بن ثروان ، عن هذيل ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال :
إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت ، فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح عليها ، فذلك عرضها .

وقد رواه الثوري عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل من كلامه في أرواح آل فرعون . وكذلك قال السدي .

وفي حديث الإسراء من رواية أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه :
" ثم انطلق بي إلى خلق كثير من خلق الله ، رجال كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم ، مصفدون على سابلة آل فرعون ، وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا .
( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وآل فرعون كالإبل المسومة يخبطون الحجارة والشجر ولا يعقلون " .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا زيد بن أخرم ، حدثنا عامر بن مدرك الحارثي ، حدثنا عتبة - يعني ابن يقظان - عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله " .
قال : قلنا : يا رسول الله ما إثابة الكافر ؟
فقال : " إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة ، أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك " .
قلنا : فما إثابته في الآخرة ؟ قال : " عذابا دون العذاب " وقرأ : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) ورواه البزار في مسنده ، عن زيد بن أخرم ، ثم قال : لا نعلم له إسنادا غير هذا .

وقال ابن جرير : حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير ، حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي قال :
سمعت الأوزاعي وسأله رجل فقال - رحمك الله - رأينا طيورا تخرج من البحر ، تأخذ ناحية الغرب بيضا ، فوجا فوجا ، لا يعلم عددها إلا الله - عز وجل - فإذا كان العشي رجع مثلها سودا.
قال : وفطنتم إلى ذلك ؟
قال : نعم.
قال : إن تلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون تعرض على النار غدوا وعشيا ، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودا ، فينبت عليها من الليل ريش أبيض ، ويتناثر السود ، ثم تغدو على النار غدوا وعشيا ، ثم ترجع إلى وكورها . فذلك دأبهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب )
قال : وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا إسحاق ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار . فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله - عز وجل - إلى يوم القيامة " .
أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك به .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ) [غافر : 47]

يخبر تعالى عن تحاج أهل النار في النار ، وتخاصمهم ، وفرعون وقومه من جملتهم.
( فيقول الضعفاء ) وهم : الأتباع.
( للذين استكبروا ) وهم : القادة والسادة والكبراء :
( إنا كنا لكم تبعا ) أي : أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال.
( فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ) أي : قسطا تتحملونه عنا .


( قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) [غافر : 48]

( قال الذين استكبروا إنا كل فيها ) أي : لا نتحمل عنكم شيئا ، كفى بنا ما عندنا ، وما حملنا من العذاب والنكال .
( إن الله قد حكم بين العباد ) أي : يقسم بيننا العذاب بقدر ما يستحقه كل منا ، كما قال تعالى :
( قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] .


( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ) [غافر : 49]

( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ) لما علموا أن الله ، سبحانه ، لا يستجيب منهم ولا يستمع لدعائهم ، بل قد قال :
( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) [ المؤمنون : 108 ] سألوا الخزنة - وهم كالبوابين لأهل النار - أن يدعوا لهم الله أن يخفف عن الكافرين ولو يوما واحدا من العذاب ، فقالت لهم الخزنة رادين عليهم :


( قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) [غافر : 50]

( أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ) أي : أوما قامت عليكم الحجج في الدنيا على ألسنة الرسل ؟
( قالوا بلى قالوا فادعوا ) أي : أنتم لأنفسكم ، فنحن لا ندعو لكم ولا نسمع منكم ولا نود خلاصكم ، ونحن منكم برآء ، ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو لم تدعوا لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم ; ولهذا قالوا :
( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) أي : إلا من ذهاب ، لا يتقبل ولا يستجاب .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر : 51]

قد أورد أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله تعالى ، عند قوله تعالى :
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) سؤالا فقال :
قد علم أن بعض الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا وشعياء ، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرا كإبراهيم ، وإما إلى السماء كعيسى ، فأين النصرة في الدنيا ؟ ثم أجاب عن ذلك بجوابين .

أحدهما : أن يكون الخبر خرج عاما ، والمراد به البعض ، قال : وهذا سائغ في اللغة .

الثاني : أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن آذاهم ، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم ، كما فعل بقتلة يحيى وزكريا وشعياء ، سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم ، وقد ذكر أن النمروذ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وأما الذين راموا صلب المسيح ، عليه السلام ، من اليهود ، فسلط الله عليهم الروم فأهانوهم وأذلوهم ، وأظهرهم الله عليهم . ثم قبل يوم القيامة سينزل عيسى ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا ، فيقتل المسيح الدجال وجنوده من اليهود ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام . وهذه نصرة عظيمة ، وهذه سنة الله في خلقه في قديم الدهر وحديثه : أنه ينصر عباده المؤمنين في الدنيا ، ويقر أعينهم ممن آذاهم ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
" يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب "
وفي الحديث الآخر :
" إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب " ;.
ولهذا أهلك تعالى قوم نوح وعاد وثمود ، وأصحاب الرس ، وقوم لوط ، وأهل مدين ، وأشباههم وأضرابهم ممن كذب الرسل وخالف الحق . وأنجى الله من بينهم المؤمنين ، فلم يهلك منهم أحدا وعذب الكافرين ، فلم يفلت منهم أحدا .

قال السدي :
لم يبعث الله رسولا قط إلى قوم فيقتلونه ، أو قوما من المؤمنين يدعون إلى الحق فيقتلون ، فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله لهم من ينصرهم ، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا .
قال : فكانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا ، وهم منصورون فيها .

وهكذا نصر الله [ سبحانه ] نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على من خالفه وناوأه ، وكذبه وعاداه ، فجعل كلمته هي العليا ، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان . وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية ، وجعل له فيها أنصارا وأعوانا ، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر ، فنصره عليهم وخذلهم له ، وقتل صناديدهم ، وأسر سراتهم ، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد ، ثم من عليهم بأخذه الفداء منهم ، ثم بعد مدة قريبة فتح [ عليه ] مكة ، فقرت عينه ببلده ، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم ، فأنقذه الله به مما كان فيه من الشرك والكفر ، وفتح له اليمن ، ودانت له جزيرة العرب بكمالها ، ودخل الناس في دين الله أفواجا . ثم قبضه الله ، تعالى ، إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة ، فأقام الله أصحابه خلفاء بعده ، فبلغوا عنه دين الله ، ودعوا عباد الله إلى الله . وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب ، حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها . ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا ظاهرا إلى قيام الساعة ; ولهذا قال تعالى :
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) أي : يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل .

قال مجاهد : الأشهاد : الملائكة .

( يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر : 52]

وقوله : ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ) بدل من قوله : ( ويوم يقوم الأشهاد ) .

وقرأ آخرون : " يوم " بالرفع ، كأنه فسره به.
( ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين ) ، وهم المشركون.
( معذرتهم ) أي : لا يقبل منهم عذر ولا فدية.
( ولهم اللعنة ) أي : الإبعاد والطرد من الرحمة.
( ولهم سوء الدار ) وهي النار . قاله السدي ، بئس المنزل والمقيل .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولهم سوء الدار ) أي : سوء العاقبة .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ) [غافر : 53]

وقوله : ( ولقد آتينا موسى الهدى ) وهو ما بعثه الله به من الهدى والنور.
( وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ) أي : جعلنا لهم العاقبة ، وأورثناهم بلاد فرعون وأمواله وحواصله وأرضه ، بما صبروا على طاعة الله واتباع رسوله موسى ، عليه السلام ، وفي الكتاب الذي أورثوه - وهو التوراة -

( هُدًى وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [غافر : 54]

( هدى وذكرى لأولي الألباب ) وهي : العقول الصحيحة السليمة .

( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [غافر : 55]

وقوله : ( فاصبر ) أي : يا محمد.
( إن وعد الله ) أي : وعدناك أنا سنعلي كلمتك ، ونجعل العاقبة لك ولمن اتبعك ، والله لا يخلف الميعاد . وهذا الذي أخبرناك به حق لا مرية فيه ولا شك .

وقوله : ( واستغفر لذنبك ) هذا تهييج للأمة على الاستغفار .
( وسبح بحمد ربك بالعشي ) أي : في أواخر النهار وأوائل الليل.
( والإبكار ) وهي أوائل النهار وأواخر الليل .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر : 56]

وقوله : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) أي : يدفعون الحق بالباطل ، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة بلا برهان ولا حجة من الله.
( إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) أي : ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق ، واحتقار لمن جاءهم به ، وليس ما يرومونه من إخمال الحق وإعلاء الباطل بحاصل لهم ، بل الحق هو المرفوع ، وقولهم وقصدهم هو الموضوع.
( فاستعذ بالله ) أي : من حال مثل هؤلاء.
( إنه هو السميع البصير ) أو من شر مثل هؤلاء المجادلين في آيات الله بغير سلطان . هذا تفسير ابن جرير .

وقال كعب وأبو العالية :
نزلت هذه الآية في اليهود : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه )
قال أبو العالية : وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم ، وأنهم يملكون به الأرض .
فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - آمرا له أن يستعيذ من فتنة الدجال ، ولهذا قال : ( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) .

وهذا قول غريب ، وفيه تعسف بعيد ، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه ، والله أعلم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,576
مستوى التفاعل
632
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر : 57]

يقول تعالى منبها على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة ، وأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه - بأنه خلق السموات والأرض ، وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة ، فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى ، كما قال تعالى :
( أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) [ الأحقاف : 33 ] .
وقال هاهنا : ( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ; فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها ، كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله خلق السموات والأرض ، وينكرون المعاد ، استبعادا وكفرا وعنادا ، وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا .

( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ) [غافر : 58]

ثم قال : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا ، والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره ، بل بينهما فرق عظيم ، كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار.
( قليلا ما تتذكرون ) أي : ما أقل ما يتذكر كثير من الناس .

( إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) [غافر : 59]
ثم قال : ( إن الساعة لآتية ) أي لكائنة وواقعة.
( لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) أي : لا يصدقون بها ، بل يكذبون بوجودها .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أشهب ، حدثنا مالك ، عن شيخ قديم من أهل اليمن - قدم من ثم - قال :
سمعت أن الساعة إذا دنت اشتد البلاء على الناس ، واشتد حر الشمس .
ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد .
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )