رد: جامع وحسينية منتدى فخامة العراق
العباس عليه السلام نموذج للإقتداء الإنساني
إن للوراثـــة دوراًَ كبيراًََ في تكوين الأبطال , كما أن للتربية أثر في نشوئهم , هذا بالإضافــــة إلى الإرادة التي تنمو و تزداد صلابــة بعوامل البيئة التي يترعرعون فيهـــا و الأجواء التي ينمون فيهــــا ..
قد تكون هناك تأثيرات تكوينية و وراثية للنهوض بتكوين الشخصيات و لكن لا بد و أن تتبعهــــا تربية واعية لما تريد , تتبع خطوات هذه الشخصية و تنميهـــا و تسقيهـــا من منابع الحق اليقيني المزروع في وجدان هذه الأسرة و هذا مــــا كان و ما تأتي لهذه الشخصية العلوية البارزة في كل أوجه الحياة و الآخرة ..
و هل هناك أحسن من الإمام علي (ع) مربياًَ و صاقلاَ ؟
قد قالوا : إذا عرف السبب بطل العجب ؛ و هذا صحيح فإذا نظرت إلى شخصية العباس(ع) الباهرة تصاب بالذهول من كون صبر و فداء و مؤاخاة و..و.. العباس إلى أخيه الحسين (ع) و لكن إذا عرفت أن العباس هو بن علي بن أبي طالب , سقط الذهول من عقلك , فهل رأيت أسداًَ إلا و أنجب أسد ! ثم تحدث الكاتب عن صفات العباس الذي اختارته العناية الإلهيــــة ليكون الساعد الأول للحسين (ع) في كربلاء ,
وهذا يذكرني بحادثة .. لقد طلب الإمام الحسين الماء و هو صغير و الإمام أمير المؤمنين (ع) كان يخطب على المنبر ؛ فما كان من أخوه العباس إلا أن أسرع لأمه أم البنين (ع) يطلب الماء لأخيه و قد أتاه به في إناء يحمله على رأسه و الماء يتساقط و ينتثر من الآنية ؛ فلما نظر الإمام علي (ع) لهذا المنظر بكى و استعبر و قال للعباس ما معناه : لك يوم لا بد منه , تستسقي الماء لأخيك و أبنائه في كربلاء .
هذه هي التربية الاستعدادية للمستقبل , يجسده الإمام أمير المؤمنين و أبنائه عليهم السلام .
إذن العباس (ع) رباه مربيه العظيم أمير المؤمنين (ع) , على العدل و الإيمان و الحق فنشأ نشأة فاضلة قلمـــا ظفر بها إنسان .
فقوة الإيمان بالله و صلابته من أبرز العناصر في شخصيته و من أوليات صفاته , فقد تربى في حجور الإيمان و مراكز التقوى و معاهد الطاعة و العبادة لله تعالى فقد غذاه أبوه زعيم الموحدين و سيد المتقين بجوهر الإيمان و واقع التوحـــــيد , لقد غذاه بالإيمان الناشئ عن الوعي و التدبر في حقائق الكون و أسرار الطبيعة , ذلك الإيمان أعلنـــه (ع) بقوله : ( لو كشف لي الغطاء ما زددت إلا يقينـــا ) و قد تفاعل هذا الايمان العميق في أعماق قلب أبي الفضل و في دخائل ذاته حتى صار من عمالقة المتقين و الموحدين , و كان عظيم إيمانه الذي لا يحد أنه قدم نفسه و إخوته و بعض أبناءه قرابين خالصة لوجه الله .
هذه صفات يجب أن ينظر لها المربون بعين الإعتبار و التقدير في طرح نظرياتهم التربوية لأجيال المستقبل . الوفاء , اليقين الديني , قوة الإرادة , الرحمة , الرأفة , ..... كلها خصال تجسدت في كيان هذا الطفل الهاشمي ... و عاقبة الأمور بخواتمها فكانت شخصيته مهيبة كما رباه أبوه علي شجاعا مقداما لا يخشى الجيوش بكثرتها ,
كيف لا يكون كذلك و هو ابن علي الكرار صاحب الجهاد و رافع لواء الإسلام الذائذ عن الرسول (ص) يوم بدر و حنين و أحد و كل المعارك و الغزوات , فكان أبو الفضل كذلك مؤسس الجود و الإباء فكرم العباس و سخاؤه يضرب به المثل و قد وردت حكايات كثيرة في كرمه و جوده , ولذا عرف بأبي الفضل و في ذلك قال الشاعر السيد راضي السيد صالح القزويني البغدادي من قصيدة له مشهورة :
أبا الفضل يا من أسس الفضل و الإباء *** أبى الفضل إلا أن تكون له أبا
و أيضا كان عليه السلام عالما و يكفيه شهادة أهل البيت (ع) بالقول : إنما زق العلم زقا , و شهادة أهل العلم و منهم الشيخ عباس القمي المحدث المحقق الذي قال فيه :
و يظهر منه أي الحديث المروي عن الإمام الباقر (ع) أنه كان عند وفاة أمير المؤمنين (ع) على درجة رفيعة و مرتبة عظيمة من العلم و الجلالة , مثل أخيه محمد بن الحنفية
فالسلام عليك يا بن أمير المؤمنين حين ولدت و حين استشهدت و حين تبعث حيا