أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

فتنةة العصر

رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
إنضم
7 أغسطس 2015
المشاركات
1,306,395
مستوى التفاعل
159,251
النقاط
113
الإقامة
السعودية _ الأحساء ♥️
حبيب بن مظاهر الأسدي
مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام


الشيخ عدي طالب آل حمود​
179.jpg

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين وأله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
حبيب بن مظاهر الأسدي صحابي جليل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله، وأختص بأمير المؤمنين ولازمه في سلمه وحروبه كلها فكان من أصفياء أصحابه وحملة علومه، ومسيرة حياته حافلة بالأحداث تشهد له بتكامله عبرها، فجدير بهذه شخصية ان تكون محل دراسة وبحث بغية الاقتداء بها.

الاسم والكنية والنسب:
هو حبيب بن مظاهر أو مظهر بن رئاب بن الأشتر بن ججوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن داوُد بن أسد يكنى ابا القاسم الأسدي الفقعسي، كان صحابياً رأى النبي صلى الله عليه واله ذكره الكلبي[1]، وقال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة[2]: «أبو القاسم، حبيب بن مظهر أو مظاهر بن رئاب بن الاشتر بن حجوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد الأسدي الكندي ثم الفقعسي، استشهد مع الحسين عليه السلام سنة 61 هجرية.
(مظهر) في الخلاصة: بضم الميم وفتح الظاء المعجمة وتشديد الهاء وكسرها والأول بخط الشيخ رحمه الله، وفي أكثر النسخ من كتب التاريخ وغيرها مظهر بوزن مطهر وهو الصواب، وما في الكتب الحديثة إنه ابن مظاهر خلاف المضبوط قديماً».
ويقال له: سيد القراء كان ذا جمال وكمال وحافظاً للقرآن كله. شخصية بارزة في المجتمع الكوفي من القواد الشجعان كان عمره يوم شهادة (75 سنة).

صحبته:
صحابي مشهور وفقيه معروف تشرف بخدمة الرسول صلى الله عليه وآله وسمع منه أحاديث، ذكره ابن حجر في الأصابة قائلاً: «له إدراك[3]، وعمّر حتى قتل مع الحسين بن علي، ذكره ابن الكلبي مع ابن عمه ربيعه بن حوط بن رئاب»[4].

وكذا لازم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهو من أكابر التابعين له سلام الله له. قال أهل السير: أن حبيباً رضي الله عنه نزل الكوفة وصحب علياً في جميع حروبه وكان من خاصته ومن أصفياء أصحابه وحملة علومه. ومن شرطة الخميس نال تكريم الرسول الامين صلى الله عليه وآله حين قبّله بين عينيه وهو صغير. كذلك نال شرف تكريم الإمام الحسين عليه السلام عندما كتب اليه رسالة وخاطبه بالقول انك ذو غيرة وشيمة.
وقد ورد في بعض مؤلفات الأصحاب ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يوما مع جماعة من أصحابه في بعض الطريق وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق فجلس النبي صلى الله عليه وآله عند صبي منهم وجعل يقبّل بين عينيه ويلاحظه ثم اقعده في حجره وكان يكثر تقبيله فسئل عن علة ذلك فقال النبي الاقدس صلى الله عليه واله: اني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين عليه السلام ورأيته يرفع التراب من تحته ويمسح به وجهه وعينيه فأنا احبه لحبه لولدي الحسين عليه السلام ولقد اخبرني جبرائيل انه يكون من أنصاره في وقعة كربلاء وذكر بعض الثقاة ان ذلك الطفل كان حبيبا بن مظاهر الذي فدى الحسين عليه السلام بنفسه ومهجته[5].

حبيب بن مظاهر في اقوال العلماء:
قال السيد الخوئي قدس سره: الأسدي ، ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب علي عليه السلام، وعدًّه أيضا من أصحاب الحسن عليه السلام من غير توصيف بالأسدي، وذكره البرقي، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ومن شرطة خميسه ومن أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام.

وقال العلامة في القسم الأول من الخلاصة من الباب ( 13 ) من فصل الحاء: «حبيب بن مظهر الأسدي، وقيل مظاهر، مشكور، رحمه الله قتل مع الحسين عليه السلام بكربلاء».
وقال ابن داود ( 374 ) القسم الأول: «حبيب بن مظاهر، وقيل مظهر، والأول بخط الشيخ رحمه الله». وقال الكشي ( 23 ) حبيب بن مظاهر: «جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الأسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي، عن مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليهم السلام، يبقر بطنه على الخشبة! فقال ميثم: وإني لأعرف رجلا أحمر، له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه، فيقتل، ويجال برأسه بالكوفة، ثم افترقا فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين! قال: فلم يفترق أهل المجلس، حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما ونسي: «ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم»، ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقال القوم: والله ما ذهبت الأيام والليالي، حتى رأينا ميثما مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر، قد قتل مع الحسين عليه السلام، ورأينا كل ما قالوا.
وكان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام، ولقوا جبال الحديد واستقبلوا الرماح بصدورهم، والسيوف، بوجوههم، وهم يعرض عليهم الأمان، والأموال، فيأبون ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إن قتل الحسين ومنا عين تطرف، حتى قتلوا حوله، ولقد خرج حبيب ابن مظاهر الأسدي وهو يضحك، فقال له يزيد بن حصين الحمداني، وكان يقال له سيد القراء: يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأي موضع أحق من هذا بالسرور، والله ما هو إلا أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين.
قال الكشي : «هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة البصرة والكوفة». ( انتهى ) . والرواية ضعيفة السند.
وهو من المستشهدين بين يدي الحسين عليه السلام، ووقع التسليم عليه، في زيارتي الناحية والرجبية. انتهى كلام المعجم.

كتاب الإمام الحسين عليه السلام الى الشهيد حبيب رضوان الله عليه:
روي ان حبيب بن مظاهر كان ذات يوم واقفا في سوق الكوفة عند عطار يشتري صبغا لكريمته فمر عليه مسلم بن عوسجه فالتفت إليه حبيب وقال: يا أخي يا مسلم اني أرى أهل الكوفة صمموا على قتال ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فبكى حبيب ورمى الصبغ من يده وقال: والله لا تصبغ هذه إلا من دم منحري دون الحسين عليه السلام فبينما الحسين عليه السلام يسير من مكة إلى الكوفة كتب كتابا إلى حبيب بن مظاهر:

بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن علي عليه السلام إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر أما بعد: ياحبيب فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله وأنت اعرف بنا من غيرك وأنت ذو شيمة وغيرة، فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله يوم القيامة[6].
ثم أرسله إلى حبيب وكان جالسا مع زوجته وبين ايديهما طعام يأكلان إذ غصت زوجته من الطعام فقالت الله أكبر يا حبيب الساعة يرد كتاب كريم من رجل كريم فبينما هي في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب فخرج إليه حبيب وقال: من الطارق؟ قال: أنا رسول وقاصد الحسين عليه السلام إليك فقال حبيب: الله أكبر صدقت الحرة بما قالت ثم ناوله الكتاب ففضه وقرأه فسألته زوجته عن الخبر فأخبرها فبكت وقالت بالله عليك يا حبيب لا تقصر عن نصرة ابن بنت رسول الله فقال: أجل حتى اقتل بين يديه فتصبغ شيبتي من دم نحري[7].

حبيب بن مظاهر والمواقف المشرفة في نهضة مسلم عليه السلام:
كان الفقيه الشيخ حبيب بن مظاهر صاحب ولاء ومبدأ وايمان صلب، وحينما وصل مسلم بن عقيل عليه السلام الى الكوفة كان من ابرز انصاره وأعوانه، وقد ذكر المؤرخون: أنه لما ورد ملم بن عقيل عليه السلام الكوفة نزل دار المختار بن أبي عبيد الثقفي أخذ الشيعة بالاختلاف اليه، قام فيهم جماعة من الخطباء تقدمهم عابس اليشكري، وثنّاه حبيب، فقام وقال لعابس بعد خطبته: «رحمك الله لقد قضيت ما في نفسك بواجزٍ من القول، وأنا والله الذي لا إله إلا هو لعلى مثل ما أنت عليه.
قالوا: وجعل حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للإمام الحسين عليه السلام في الكوفة حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وخذّل أهلها عن مسلم وفرّ أنصاره حبسهما عشائرهما وأخفياهما، فلما ورد الإمام الحسين عليه السلام كربلاء خرجا اليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتى وصلا اليه[8].
وروى محمد بن ابي طالب في مقتله، والسيد الأمين في أعيان الشيعة[9]، والشيخ السماوي في إبصار العين، أقبل حبيب بن مظاهر إلى الحسين (عليه السلام) فقال : يا ابن رسول الله ههنا حي من بني أسد بالقرب منا[10]، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك، فعسى الله أن يدفع بهم عنك، قال : قد أذنت لك، فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكرا حتى أتى إليهم فعرفوه أنه من بني أسد، فقالوا : ما حاجتك ؟ فقال : إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم، أتيتكم أدعوكم إلى نصر ابن بنت نبيكم فإنه في عصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من ألف رجل، لن يخذلوه ولن يسلموه أبدا وهذا عمر بن سعد قد أحاط به، وأنتم قومي وعشيرتي، وقد أتيتكم بهذه النصيحة فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا بها شرف الدنيا والآخرة، فاني أقسم بالله لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا إلا كان رفيقا لمحمد صلى الله عليه وآله في عليين قال: فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له عبد الله بن بشر فقال: أنا أول من يجيب إلى هذه الدعوة، ثم جعل يرتجز ويقول:
قد علم القوم إذا تواكلوا ***** وأحجم الفرسان إذ تناقلوا
أني شجاع بطل مقاتل ***** كأنني ليث عرين باسل
ثم تبادر رجال الحي حتى التأم منهم تسعون رجلا فأقبلوا يريدون الحسين عليه السلام وخرج رجل في ذلك الوقت من الحي حتى صار إلى عمر بن سعد فأخبره بالحال، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له الأزرق فضم إليه أربعمائة فارس ووجه نحو حي بني أسد، فبينما أولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين عليه السلام في جوف الليل إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات، وبينهم وبين عسكر الحسين اليسير، فناوش القوم بعضهم بعضا واقتتلوا قتالا شديدا، وصاح حبيب ابن مظاهر بالأزرق ويلك ما لك وما لنا انصرف عنا، ودعنا يشقى بنا غيرك، فأبى الأزرق أن يرجع، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم، فانهزموا راجعين إلى حيهم، ثم إنهم ارتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد أن يبيتهم ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام فخبره بذلك فقال عليه السلام: لا حول ولا قوة إلا بالله.

حبيب وقرة بن قيس:
ولما جاء قرة بن قيس الحنظلي إلى الإمام عليه السلام رسولا من ابن سعد وابلغه رسالة عمر ثم اجابه الإمام الحسين عليه السلام قال له حبيب: ويحك يا قرة بن قيس انى ترجع إلى القوم الظالمين!؟ انصر هذا الرجل الذي بآبائه ايدك الله بالكرامة وإيانا معك! فقال له قرة.. ارجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي[11].
وكلم حبيب القوم عصر يوم تاسوعاء قائلا: «أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه صلى الله عليه وآله وعترته وأهل بيته عليهم السلام وعباد أهل هذا المصر المتهجدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا!»[12]. ولما رد شمر بن ذي الجوشن على احدى مواعظ الإمام عليه السلام قائلاً: (يعبد الله على حرف ان كان يدري ما تقول! فقال له حبيب بن مظاهر: والله اني لا اراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا اشهد انك صادق ما تدري ما يقول! قد طبع الله على قلبك!).
وذكر الطبري وغيره: ان حبيبا كان على ميسرة الحسين عليه السلام وزهيراً على الميمنة وانه حفيف الاجابة لدعوة المبارز:
قالوا: ولما صُرع مسلم بن عوسجة مشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب فقال حبيب عزَّ علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة! فقال له مسلم قولا ضعيفا بشّرك الله بالجنة! فقال حبيب: لولا اني اعلم اني في إثرك لا حق بك من ساعتي هذه لأحببت ان توصي اليَّ حتى احفظك في كل بما أنت له أهل من الدين والقرابة .
فقال له: أوصيك بهذا رحمك الله ـ واومأ بيديه إلى الحسين عليه السلام ـ ان تموت دونه! فقال حبيب: «افعل ورب الكعبة»[13].
فنلاحظ الإيمان الراسخ الصلب والثبات على الموقف والمبدأ الذي تحلى به حبيب رضوان الله عليه، وان هذا المستوى الاخلاقي العالي لا يصدر الا من له المراتب الكمالية المتقدمة، أنه بحق خريج مدرسة أهل البيت عليهم السلام فمن رسول الله صلى اله عليه واله الى أمير المؤمنين الى الإمام الحسن ثم الإمام الحسين أساتذة عظام لازمهم وتربى بين أيديهم فوصل الى هذا المستوى العالي فمنطقه التضحية دون حجة الله في ارضه صلوات الله عليه.

استشهاده:
ذكر الطبري: قالوا عندما طلب الإمام الحسين عليه السلام من أصحابه ان يسألوا جيش الحزب الاموي يكفوا عنهم لأداء الصلاة فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت! الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقبل وتقبل منك يا حمار؟! قال: فحمل عليهم حصين بن تميم وخرج إليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف فشب ووقع عنه وحمله أصحابه فاستنقذوه وأخذ حبيب يقول:
اقسم لو كنا لكم إعدادا أو شطـركـم ولـيتم اكتادا
يـا شـر قـوم حـســبا وآدا
قال: وجعل يقول يؤمئذ:
أنـا حـبـيـب وأبـي مـظـهـر فـارس هـيـجـاء وحـرب تـسـعـر
أنـتـم اعـد عــدة وأكــثــر ونـحـن أوفـى مـنـكـم واصـبـر
ونـحـن اعـلـى حـجـة وأظـهر حـقـاً وأتــقــى منـكـم وأعـذر
وقاتل قتالا شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله، وكان يقال له: بديل من بني عقفان وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه فقال له الحصين: اني لشريكك في قتله فقال الآخر: والله ما قتله غيري فقال الحصين اعطنيه اعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا اني شركت في قتله ثم خذه انت بعد فامض به إلى عبيد الله بن زياد (لع) فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك اياه، قال: فأبى عليه: فأصلح قومه فيما بينهما على هذا فدفع إليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه ثم دفعه بعد ذلك إليه.

رأس حبيب بالكوفة:
فلما رجعوا إلى الكوفة اخذ الآخر رأس حبيب فعلقه في عنان فرسه ثم أقبل به إلى ابن زياد في القصر فبصر به القاسم بن حبيب وهو يومئذ قد راهق فأقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه وإذا خرج خرج معه فارتاب به فقال: مالك يا بني تتبعني! قال: لا شيء، قال بلى، يا بني اخبرني، قال له: ان هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتى أدفنه؟ قال: يابني لا يرضى الأمير ان يدفن وأنا أريد ان يثيبني الأمير على قتله ثوابا حسنا، قال له الغلام: لكن الله لا يثيبك على ذلك إلا أسوأ العذاب أما والله لقد قتلت خيراً منك وبكى فمكث الغلام حتى إذا ادرك لم يكن له همة إلا اتباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرة فيقتله بأبيه.


مصير قاتله:
لما كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب (باجميرا) دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرته فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد.
قال أبو مخنف: حدثني محمد بن قيس قال: لما قتل حبيب بن مظاهر هدَّ ذلك حسيناً عليه السلام وقال عند ذلك: احتسب نفسي وحماة أصحابي.
وبحقه قال الشيخ المرحوم محمد السماوي هذه الأبيات:
ان يهدَّ الحسين قتل حبيب فلقد هد قتله كل ركن
بطل قد لقى جبال الأعادي من حديد فردها كالعهن
لا يبالي بالجمع حيث توخى فهو ينصب كانصباب المزن
أخذ الثأر قبل أن يقتلوه سلفاً من منية دون من
قتلوا منه للحسين حبيباً جامعاً في فعاله كل حسن

مرقده الطاهر:
جاء في الارشاد ما نصه: «ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية[14] إلى الحسين عليه السلام وأصحابه فصلوا عليهم ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الاصغر عليه السلام عند رجله، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام وجمعوهم فدفنوهم جميعا معاً ودفنوا العباس بن علي عليه السلام في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن»[15]، وروى رواية أخرى بعد ان سمى شهداء بني هاشم قال: «فهؤلاء سبعة عشر نفساً رضوان الله عليهم اجمعين .. وهم (شهداء بني هاشم)، وهم كلهم مدفونون مما يلي رجلي الحسين عليه السلام في مشهده، حفر لهم حفيرة وألقوا فيها جميعاً وسوي عليهم التراب إلا العباس بن علي عليه السلام فإنه دفن في موضع مقتله على المسناة بطريق الغاضرية وقبره ظاهر، وليس لقبور اخوته وأهله الذين سمينا هم أثر وإنما يزورهم الزائر من عند قبر الحسين عليه السلام ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه عليه السلام بالسلام وعلى علي بن الحسين عليه السلام في جملتهم ويقال انه اقربهم دفناً إلى الحسين عليه السلام، فأما أصحاب الحسين عليه السلام رحمة الله عليهم الذين قتلوا معه فإنهم دفنوا حوله، ولسنا نحصل لهم أجداثاُ على التحقيق والتفصيل، إلا أنّا لا نشك ان الحائر محيط بهم رضي الله عنهم وأرضاهم وأسكنهم جنات النعيم»[16].
ونقل الفاضل الدربندي في إكسير العبادات وأسرار الشهادات نقلاً عن السيد نعمة الله الجزائري قدس سره في كتاب مدينة العلم عن رجاله أنه ذكر واقعة دفن الاجساد الزواكي الطواهر، قال: إنَّ الإمام زين العابدين لما انتهى من مواراة الجسد الطاهر للإمام الحسين عليه السلام عطف على جثث الأنصار وحفر حفيرة واحدة وواراهم فيها، إلا حبيب بن مظاهر حيث أبى بعض بني عمه ذلك، ودفن ناحية عن الشهداء»[17].
وقد علق الشيخ محمد باقر القائني البيرجندي[18] على هذه الرواية فقال: «ولا يمكن الثقة بكل الرواية لكثرة اختلاف الرواة في كل باب، وإن كثر عددها فانظروا إلى أخبار المواليد والوفيات والسير والمعجزات والمقاتلين والمقاتلات ولكن في التفصيل الذي ذكره السيد نعمة الله الجزائري في كتابه مدينة العلم دفن الشهداء، والسيد الجزائري من تلامذة العلامة المجلسي، والرواية نقلها في إكسير العبادة عن بعض الثقاة عن الكتاب المذكور هذا وإن كانت مباني السيد الجليل المتبحر على التسامح ونقل الاخبار الضعيفة كما يشهد بذلك سائر كتبه من الأنوار النعمانية ومسكن الفؤاد والمقامات وغيرها ولكن لا أرى بأساً بروايتها ونقلها حيث إنها لا منافاة بينها وبين المطالب الأخرى والروايات المعتبرة».
وفي سؤال وجه الى مركز الابحاث العقائدية حول علة دفن حبيب رضوان الله عليه في محله الفعلي أجاب: «وفق التحقيق والتتبع في الكتب الروائية لم نعثر على رواية تشير الى علّة دفن حبيب بن مظاهر (رض) في المكان الفعلي, فعلى هذا لا يمكننا القول بأن دفن حبيب بن مظاهر (رض) في هذا المكان كان بأمر مخصوص من الإمام زين (عليه السلام) وأنه يدل على وجود ميّزة خاصة في حبيب (رض) دون باقي الأصحاب لعدم وجود النص حول هذا المطلب.
ويوجد قولان عن المؤرخين حول مكان قبر حبيب بن مظاهر (رض) (الكبريت الاحمر:124/3, أسرار الشهادة: 451)
القول الاول: إن بني أسد دفنوا حبيباً منفصلاً عن باقي الأصحاب وأرادوا أن يكون له قبراً مخصوصاً لأنه كان من بني أسد.
القول الثاني: إن الأصحاب قد دفنوه حول القبر المقدس للإمام الحسين (عليه السلام) وجعل لكل واحد منهم قبراً واحداً، وأما قبر حبيب فاشتهر لأن بني أسد كانوا يأتون الى قبره ويجتمعون حوله ويعتنون به فلهذا عرف قبره». إلا ان صاحب معالم السبطين[19]، قال ناقلاً رواية المازندراني في ذكر واقعة دفن الأجساد الطواهر: «أما ضريح الحسين فقد علمتم، وأما الحفيرة الأولى: ففيها أهل بيته والأقرب اليه منهم ولده علي الأكبر، وأما الحفيرة الثانية: ففيها أصحابه، وأما القبر المنفرد مما يلي الرأس الشريف فهو حامل راية الحسين عليه السلام حبيب بن مظاهر..».
أقول: المزارات المشهورة لأولاد الأئمة عليهم السلام وذويهم وأصحابهم رضوان الله عليهم هي مورد اعتماد، لان الشهرة في مثل ذلك هو مورد القبول شرعاً.
------------------------------------------------------------
[1] ـ جمهرة النسب، ج1، ص241، كما عن إبصار العين في انصار الحسين عليه السلام، ص100.
[2] ـ أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، تحقيق محسن العاملي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1403 هجرية، ج4، ص555.
[3] ـ أي أدرك رسول الله صلى الله عليه واله.
[4] ـ الأصابة في معرفة الصحابة، ابن حجر العسقلاني، القسم الثالث، تحت رقم: 1954.
[5] ـ العوالم، الإمام الحسين عليه السلام، الشيخ عبد الله البحراني، تحقيق مدرسة الإمام المهدي، قم المقدسة، الطبعة الأولى 1407 هجرية، ص132.
[6] ، وسيلة الدارين في انصار الحسين عليه السلام، ص120.
[7] ـ البطل الأسدي، عبد الواحد المظفر، ص30.
[8] ـ إصار العين في انصار الحسين عليه السلام، الشيخ محمد طاهر السماوي، تحقيق: محمد جعفر الطبسي، مركز الدراسات الاسلامية، الطبعة الأولى، 1419 هجرية، ص102
[9] ـ ج4، ص554.
[10] ـ بنو أسد بن خزيمة من القبائل العربيّة المعروفة ، وذات التاريخ الطويل والمجيد والحافل بالبطولات والمواقف المشرفة ، وقد كانت تسكن هذه القبيلة هضبة نجد , ثمّ نزحت في أيام الفتوحات الإسلاميّة فسكنت معظم بطون القبيلة العراق عدا بني الغاضرة منهم ؛ حيث كانوا يسكنون إلى جانب الفرات قرب كربلاء . وقد تشرّف هذا البطن منهم بدفن الجثث الزواكي لأبي عبد الله الحسين وأصحابه (عليهم السّلام) .
وقد عرفت هذه القبيلة بولائها لآل البيت النبوي وتشيّعها لهم ، ومنذ أن حطت قدما أمير المؤمنين (عليه السّلام) الكوفة حيث اتّخذها عاصمة له ، ثمّ درج على هذا المنهج أبناؤهم إلى يومنا هذا .
ويرجع نسب هذه القبيلة إلى أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . وتنقسم إلى بطون كثيرة , أشهرها : بنو الغاضرة ، وبنو فقعس ، وبنو كاهل ، وبنو ناشرة ، وبنو مزيد اُمراء الحلة أيام بدايات تأسيسها ، وبنو والبة , وإليه تنسب حبابة الوالبيّة , وبنو الصيداء ، وبنو مالك بن سعد ، وغيرها من البطون الكثيرة .
[11] ـ إبصار العين في انصار الحسين، مصدر سابق، ص102، حيث نقله عن تاريخ الطبري، ج3، ص314.
[12] ـ نفس المصدر، ص103.
[13] ـ نفس المصدر، ص104.
[14] ـ في لسان العرب الغَضَارُ الطّين الحُرّ ابن سيده وغيره الغَضارةُ الطين الحر وقيل الطين اللاَّزب الأَخضر والغَضارُ الصَّحْفة المتخذة منه والغُضْرة والغَضْراء الأَرض الطَّيّبة العَلِكة الخَضراء وفي الصحاح في اللغة الغضارَةُ: طيبُ العيش.. قال الأَصمعي ولا يقال أَبادَ الله خَضْراءَهم ولكن أَبادَ اللّه غَضْراءَهم أَي أَهْلَك خيرَهم وغَضارتهم.
والغَواضِرُ في قيس، وغاضِرة قبيلة في بني أَسد وحيٌّ من بني صَعْصَعَة وبطن من ثَقِيف وفي بني كِنْدة ومسجدُ غاضِرةَ مسجدٌ بالبصرة منسوب إِلى امرأَة.
[15] ـ الأرشاد، ج2، ص114.
[16] ، نفس المصدر والجزء، ص126.
[17] ـ إكسير العبادات وأسرار الشهادات، الفاضل الدربندي، تحقيق الشيخ محمد جمعة بادي، والاستاذ عباس ملا عطية الجمري، ج3، المجلس: التاسع عشر: فيما يتعلق بدفن الجسد الطيب الطاهر المنور الانور لسيد الشهداء عليه السلام، ص170، وكذا قال صاحب كتاب الكبريت الأحمر، ج3، ص124.
[18] ـ العلامة المحدث الفقيه آية اللّه الحاج الشيخ محمد باقر بن محمد حسن بن المولى أسد اللّه بن المولى الحاج عبد اللّه بن المولى علي محمد الشريف القائني البيرجندي ، أبوالحسن . ولد في شهر ربيع الأول سنة 1276 هـ بقرية گازار من قرى بيرجند من توابع قائن .
أكمل دراسة المقدمات والسطوح في ايران ثم هاجر إلى النجف الأشرف في سنة 1296 ق أو بعدها بقليل، فحضر الدراسات العليا في الاُصول (الدرس الخارج) على الميرزا حبيب اللّه الرشتي والمولى محمد كاظم الآخوند الخراساني وفي الفقه على المولى محمد الفاضل الإيرواني والحاج ميرزا حسين الخليلي الطهراني.
و بعد ذلك انتقل نحو سنة 1300 ق إلى سامراء فحضر أبحاث المجدّد الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سره وكان أكثر استفاداته العلمية الاُصولية والفقهية منه، و يذكره في مؤلّفاته و إجازاته بمنتهى الإعظام و التجليل . و تلمّذ بسامراء أيضا مكمِّلاً فَنَّي الدراية و الرجال على الميرزا حسين النوري صاحب مستدرك وسائل الشيعة .
وقد نال مرتبة الاجتهاد، و اُجيز من أساتذته و شيوخه، و صدّقوا اجتهاده و بلوغه إلى المراتب العلمية العالية، توفّي رحمه الله ببيرجند في ليلة الجمعة رابع عشرة من ذي الحجة سنة 1352 هجرية.
[19] ـ ج2، ص65.
 

سعد العراقي راقي

قرب شاطىء العذوبة
إنضم
10 سبتمبر 2017
المشاركات
361,297
مستوى التفاعل
6,767
النقاط
113
الإقامة
العراق
رد: حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

تسلمين
جزاك الله خير
شكرا لك
 
إنضم
1 ديسمبر 2017
المشاركات
47,268
مستوى التفاعل
199
النقاط
63
الإقامة
الدنمارك
رد: حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

جزاك الله خير
 

فتنةة العصر

رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
إنضم
7 أغسطس 2015
المشاركات
1,306,395
مستوى التفاعل
159,251
النقاط
113
الإقامة
السعودية _ الأحساء ♥️
رد: حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

منورين وايد غاليين
هلا بيكم
 

قيصر الحب

::اصدقاء المنتدى و اعلى المشاركين ::
إنضم
2 أغسطس 2016
المشاركات
369,330
مستوى التفاعل
3,194
النقاط
113
رد: حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

جزاك الله خيرا

يًعّطيًكْ آلِعّآفيًه
عّلِى آلِمجهوَدِ آلِرٍآئعّ
وَلآعّدِمنآ جدِيًدِكْ آلِرٍآقيً
وَدِيً وَآحتِرٍآميً
 

فتنةة العصر

رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
إنضم
7 أغسطس 2015
المشاركات
1,306,395
مستوى التفاعل
159,251
النقاط
113
الإقامة
السعودية _ الأحساء ♥️
رد: حبيب بن مظاهر الأسدي مسيرة كمال خاتمتها الشهادة بين يدي الإمام الحسين عليه السلام

منورين وايد غاليين
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )