رد: ((حروف من الروح))
[font="]
نــغــــل ---
[/font][font="]
عند خروجنا من سينما الرافدين صيف عام 1977 وتحديدا عند الساعة السادسة عصرا ، الحرارة والغبار يملآن الاجواء - فوجئنا بسماع صراخ رضيع ملفوفا بقماطات ، وحوله جوقة من الاطفال يصرخون بصوت عالي " نغل ، ننننغغغلللل " -
[/font][font="]
توجهت مع ابن عمي اليه ، انتشلته من بين اكشاك الدكاكين لسوق اجمالة - لمجرد احتضاني له شعرت بان قوة كهرونووية ومغناطيسية تجذبني اليه - لحظتها سكت عن الصراخ فزاد التصاقي به - بينما انشغل ابن عمي بابعاد الاطفال عنا -
[/font][font="]
وكلما اقتربنا من قطاع 28 كلما علا صوت الاطفال " ننننننغغغغغغغغللللللل " - اسئلة كثيرة راودتني لحظتها : من هذا ، ومن هم ابويه ، وما جنسه ؟؟
وبينما انا مستغرق باسئلة اكبر من عمري بكثير لان الاجابات محنظة كالقماطات التي تلفه - وهنا توقفت سيارة بيضاء فيها رجل وامراة فقط -
حدثني الرجل : " بصوت هاديء متوسلا " عمي انطينا الطفل لان والله ما عدنه اطفال -
اجبته بصوت يحاول التملص من جريمة لم يقترفها : ميخالف بس انطيني 100 دينار - " يومها تعادل مرتب موظف لاربعة اشهر "
مدّ الرجل يده الى جيبه واخرج كل مالديه ، يمكن 20 دينار او اقل -- ولكن زوجته توسلت وقالت لي : خاله الله يخليك اخذ كلادتي وبتوتي ، وبدات تخلع الذهب من يدها وتسلمه لي ، يبدو باني عثرت على كنز ثمين " هذا ما راودني لحظتها " وصوت الاطفال حولي " ننننغغغغلللل " - خشيت ان اوصله لاهلي وحينها ستلصق سمعة سيئة بالطفل وبنا -
ابن عمي وافق للمساومة ، لكن في تلك اللحظة خرجت جملة لم اكن يوما باستطاعتي ان اقولها : " عمي تره ان بس جاي اجربكم ، اذا اتمرض راح تصرفون عليه لو لا ؟"
وما هي الا لحظات وتبدد جمع الاطفال وصياحهم وانطلقت السيارة بسرعة فائقة مخلفة غبارا واتربة --
عندما وصلنا الى البيت قصً ابن عمي القصة كاملة نهرني والدي " رحمه الله " ووبخني قائلا : لو جبته جان حصلت بيه اجر وثواب اكثر من تربيتكم الزفرة
صفحة رابطة مبدعي مدينة الثورة
[/font]