أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

ماذا سيبقى لك في الدنيا بعد رحيلك؟

Sajad_Albasraooy

Active Member
إنضم
5 يونيو 2015
المشاركات
38
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
iraq/basra
الموقع الالكتروني
djknare.com
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آلِه وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.



أما بعد:

فنبتدئ حديثنا اليوم بطَرْح هذا السؤال: ماذا سيبقى لك في الدنيا بعد رحيلِك؟

بعضنا اليوم يملك في الدنيا عقارًا أو مركبًا، يملك مالاً أو تجارة، يملك زوجةً أو أكثر، ويملك منصبًا أو جاهًا، ويملك... إلخ، لكن بمجرد الرحيل عن هذه الدنيا سيتفرَّق كلُّ ذلك الملك ويتقسَّم، وينتهي سلطانُ العبد على أملاكه جميعًا، لا أريد الكلامَ عمَّا سيبقى لك في الآخرة، ففي الآخرة سيبقى لك ما قالَه عليه الصلاة والسلام: ((إذا مات المرءُ انقطع عملُه إلاَّ من ثلاثٍ؛ صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح
يدعو له))، وإنَّما مرادي: ما الذي سيبقى لك في الدُّنيا؟ وليس في الآخرة.




تأتي الإجابةُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: مُرَّ بجنازةٍ فأُثنِي عليها خيرٌ، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبَت، وجبَت، وجَبَت))، ومُرَّ بجنازةٍ فأُثني عليها شرٌّ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبَت، وجبَت، وجبَت))، فقال عمر: فِدًى لك أبي وأمي، مُرَّ بجنازةٍ فأُثني عليها خيرٌ، فقلتَ: ((وجبَت: وجبَت، وجبَت))، ومُرَّ بجنازة فأُثنِي عليها شرٌّ، فقلتَ: ((وجبَت، وجبَت، وجبَت))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أَثْنيتم عليه خيرًا وجبَت له الجنة، ومَن أثنيتُم عليه شرًّا وجبَت له النار، أَنتم شهداءُ الله في الأرض، أنتم شهداء اللهِ في الأرض)).

ما بقي للمرء في الدنيا بعد رحيلِه إلاَّ ذِكْرُ الناسِ له؛ فمَن خدم الناسَ ونفعهم وأسدَى إليهم المعروفَ، وقضى لهم الحوائجَ، وسعى في مصالِحهم - كان له ذكرٌ حسَن، ومَن آذَى الناسَ وقطعَ سبيلَ المعروف، وبخلَ عليهم، وطغى وتكبَّر - فليس له إلاَّ ذكرُ السوء.


تأمَّل معي دعوةَ الخليل عليه وعلى نبينا أفضلُ صلاةٍ وسلام: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 83، 84]، قال أهلُ التفسير: إنَّه سؤالُ الخليل: أن يجعل اللهُ له في الناس الثناءَ الحسَن والذِّكر الطيِّب.

وقد حصل مرادُ الخليل إبراهيم عليه السلام؛ فالجميعُ يثني عليه: اليهودُ والنصارى والمسلمون، بل نحن في صلاتِنا لا نتشهَّد ونصلِّي على رسولِنا صلى الله عليه وسلم إلاَّ ونثنِي على الخليل إبراهيم عليه السلام، وكأنها استجابة لدعوتِه في بقاء ذِكْره الطيِّب.


وتأمَّل كذلك قول الله تعالى لرسولِه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، وكيف بقِي ذِكْرُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم خالدًا، وسيبقَى حتى يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها.

ونحن نرى اليومَ على الحقيقة مَن يموتُ، وتحزن الناسُ على فَقْده؛ لأنه كان عَلَمًا في الخير، وفي المقابل نرى مَن يموت وتبقى الناسُ تلعنه وتلعن أفعالَه.

كم ماتَ قومٌ وما ماتَتْ مَكارِمُهم = وعاش قومٌ وهم في النَّاس أمواتُ!

تقول عائشة رضي الله عنها - والحديث عند الإمام البخاري رحمه الله -: "ما غِرت على أحدٍ مِن نساء النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما غرتُ على خديجةَ، وما رأيتُها قطُّ، ولكن كان يُكثِر ذِكرها، وربما ذبح الشاةَ ثمَّ يقطعها أعضاءً، ثمَّ يبعثها في صدائق خديجة، فربَّما قلتُ له: كأنَّه لم يكن في الدنيا امرَأة إلاَّ خديجة، فيقول: ((إنها كانت وكانَت، وكان لي مِنها ولدٌ))، هكذا بقِي ذِكرُ خديجة بعد رحيلها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، سيبقى لهم ذِكرُهم الطيِّب وثناءُ الناس عليهم.

واعلم وفَّقك اللهُ أنَّ الناس لا يثنون إلاَّ على مَن نَفَعهم وأحسَن إليهم، فَلْيكن حِرصك على ذلك ليبقى ذلك لك، ولا تقنَع بالثناء الزائل الذي يقدِّمه لك المتملِّقون والنفعيون الذين لا يهمهم سوى مصالحهِم الضيِّقة، فإذا ما انتهَت لم يعرفوا للمُحْسِن حقَّه.


رسالتي لك أيها المسلم، يا مَن تقلَّدتَ منصبًا ومسؤوليَّة، اصنَع لك مجدًا، واكتبْ لنفسك سِفْرًا من الثناء حين تُعامل مَرؤوسِيك بما تحبُّ أن يعامِلَك به مَسؤولوك، إنَّها فرصةٌ لن تتكرَّر، فكم مِن مسؤولٍ قد ترك منصبَه والناس يتمنَّون عودته! وكم من مسؤولٍ غادَرَ منصبَه غير مأسوفٍ عليه؛ بل ربما تلاحقه اللَّعنات، وتُطارده دعواتُ المظلومين والمقهورين!

عامل الناسَ بطيبِ الخُلُق ونقاء النفس، وطهارة السريرة وحسن العشرة، ودماثة الأخلاق وسخاء اليد، وحلاوة اللسان؛ فمن كانت هذه حاله نال رِضا الناسِ وقبولهم وثناءهم عليه، وانظر في ذِكر الناس لحاتم الطائي في كرَمِه وجودِه، رغم أنَّه لم يدرِك الإسلامَ، لكنَّ مواقفه جعلَته مثلاً يُقتدى به.

وهنا يذكِّرنا ابنُ الجوزي بأمرٍ مهمٍّ جدًّا، فيقول رحمه الله: رأيت أناسًا يصومون ويقومون ويذكرون الله كثيرًا، لكن الناسَ لا تحبُّهم، ورأيتُ آخرين ليسَت لديهم كثيرُ عباداتٍ لكنَّ قلوب الناس قد أجمعَت بالثناء عليهم، قال: فتأمَّلتُ في ذلك فوجدتُه: صفاء السريرة.

دع أثرَك يتكلَّم عنك، حتى يقال: مَرَّ من هنا، وهذا أثرُه، فمَن لا أثر له لا وجودَ له.
 

شيلان

كـيـان مُـسـتـقـل
إنضم
18 ديسمبر 2014
المشاركات
75,916
مستوى التفاعل
6,806
النقاط
113
رد: ماذا سيبقى لك في الدنيا بعد رحيلك؟

بوركتَ اخي الفاضل..
 

أنثى المطر

نائب المدير العام
طاقم الإدارة
إنضم
24 مارس 2015
المشاركات
210,041
مستوى التفاعل
22,677
النقاط
300
الإقامة
في قلب أمي
رد: ماذا سيبقى لك في الدنيا بعد رحيلك؟

لن يبقى لنا الا العمل الصالح
جزاك الله خيرا أخي
 

Sajad_Albasraooy

Active Member
إنضم
5 يونيو 2015
المشاركات
38
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
iraq/basra
الموقع الالكتروني
djknare.com
رد: ماذا سيبقى لك في الدنيا بعد رحيلك؟

شكرا الكم منورين
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 0 ( الاعضاء: 0, الزوار: 0 )