النبيل
العابث الاخير في هــذآ القرن
- إنضم
- 29 أبريل 2020
- المشاركات
- 12,250
- مستوى التفاعل
- 26,094
- النقاط
- 115
- الإقامة
- في المـرايا
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
أجلسُ منذُ ساعةٍ بانتظار انتهاء الحلّاق من الرأس الذي أمامي. لم اكلّف نفسي مشقّة النهوض ومعاينة وجه هذا الرأس، الذي لا يبدو أحسن حالاً منّي؛ إذ ما تزال هناك بضعة شعيرات تغطي هامته، وحزام من الشعر الفضّي، على شكل حذوة حصان يلفُّ عنقة، ويسير بمحاذاة أذنية ويلتف.. الذي يشعرني بالسقم، أنه يتحدث كثيراً، ومع أني لم أكن استمع إليه، إلا أن تلك الأحاديث كانت تشغل الحلّاق عن إداء عمله بسرعة. كان يتحدّث عن العشائر، والجيش، وطيور الخضيري، وأحمد راضي، وأنواع السلاحف التي تعيش في هور أم النعاج. والحلّاق فاغرُ الفاه، أمام هذه الأحاديث الغرائبية التي يسوقها هذا الأصلع الدميم، ذو الرأس الكمثري الشكل والرقبة المتغضنة. قلت في نفسي لم لا أخوض في أحلام اليقظة كالعادة، ريثما ينتهي الحلّاق من هذا الرأس البغيض.
تخيلت نفسي في نيوميكسيكو، وقتما انتصرَ الجنرال انطونيو لوبيث دي سانتا آنا -الذي كان دكتاتوراً منتخباً لثلاث مرّات- في حرب الحلويات. وإذ خرجت الجماهير المكسيكية إلى ساحة اللقاء وانتشرت كالنمل في ساحة عدن، وسبع البور، ومدينة شاعورة أم جدر، مختلطة المشاعر، ما بين جموع تغني الأغاني الكوادالاخارية التقليدية، وأخرى تحتسي جرعات كبيرة من الفودكا الممزوجة بالتيكيلا، وآخرون يرتدون القبعات العريضة، وفي تشكيلات على شكل هلال، ويرقصون الجوبي على أنغام فرقة بيت هربود. وعلى عادة المكسيكين الأصلاء، تم تعليق حمار قماشي، محشو بالملبّس، لينقضَّ عليه الأطفال بين مخوزق وناغز، حتّى تشقَّ منه البطن أو المؤخرة، وتتساقط عليهم المغلفات، فتغمر الفرحة الجميع، إلى أن يظهر الجنرال أنطونيو في زيّه العسكري من شرفة تطلُّ على نصب الجندي المجهول ويبدأ بالتلويح بطريقة الرادار. وقتذاك رأيت كيف انهالت عليه الورود من كلِّ حدبٍ وصوب وأطلقت المدفعية خمساً وخمسين إطلاقة، وينتهي الحفل المهيب الذي لم ينكر الرئيس فيه أنه في صدد خوض حربٍ جديدة مع دولة لا تعجبه. صحوت من حلمي عندما هذا الخبر، لأجد الحلّاق يشتغل بالرأس التالي وكأنه نسيني في عالمي الذي عشت بسبب هلوسات الرجل الثرثار.
تخيلت نفسي في نيوميكسيكو، وقتما انتصرَ الجنرال انطونيو لوبيث دي سانتا آنا -الذي كان دكتاتوراً منتخباً لثلاث مرّات- في حرب الحلويات. وإذ خرجت الجماهير المكسيكية إلى ساحة اللقاء وانتشرت كالنمل في ساحة عدن، وسبع البور، ومدينة شاعورة أم جدر، مختلطة المشاعر، ما بين جموع تغني الأغاني الكوادالاخارية التقليدية، وأخرى تحتسي جرعات كبيرة من الفودكا الممزوجة بالتيكيلا، وآخرون يرتدون القبعات العريضة، وفي تشكيلات على شكل هلال، ويرقصون الجوبي على أنغام فرقة بيت هربود. وعلى عادة المكسيكين الأصلاء، تم تعليق حمار قماشي، محشو بالملبّس، لينقضَّ عليه الأطفال بين مخوزق وناغز، حتّى تشقَّ منه البطن أو المؤخرة، وتتساقط عليهم المغلفات، فتغمر الفرحة الجميع، إلى أن يظهر الجنرال أنطونيو في زيّه العسكري من شرفة تطلُّ على نصب الجندي المجهول ويبدأ بالتلويح بطريقة الرادار. وقتذاك رأيت كيف انهالت عليه الورود من كلِّ حدبٍ وصوب وأطلقت المدفعية خمساً وخمسين إطلاقة، وينتهي الحفل المهيب الذي لم ينكر الرئيس فيه أنه في صدد خوض حربٍ جديدة مع دولة لا تعجبه. صحوت من حلمي عندما هذا الخبر، لأجد الحلّاق يشتغل بالرأس التالي وكأنه نسيني في عالمي الذي عشت بسبب هلوسات الرجل الثرثار.