أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

الدعاء هو العباده

عطري وجودك

Well-Known Member
إنضم
5 أغسطس 2019
المشاركات
81,603
مستوى التفاعل
2,558
النقاط
113

الدعاء هو العباده


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.



أما بعد، فاتقوا الله عباد الله؛ فإن خير الزاد التقوى، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].



﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].



معاشر المسلمين، كلنا فقراء إلى الله محتاجون إليه، ولا غنى لنا طرفةَ عينٍ عن عطائه ورحمته ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15] ومن عَظيمِ فضلِ الله تعالى على عبادِه ورحمته بهم، أن جعل دعاءَه وسؤاله عبادةً من أفضلِ العبادات وقربةً من أجلِّ القرباتِ، فأمرهم بدعائه وحده لا شريك له، ونهى عن دعاء من دونه، وجعل صرف الدعاء لغيره شركًا وظلمًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدعاء هو العبادة » رواه الترمذي. وقال سبحانه: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [غافر: 14]، وقال جل وعلا: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106].



أجل أيها المسلمون، لقد أمرنا الله تعالى بدعائه ووعدنا بالإجابة ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، بل إن من تمامِ جودِهِ وكرَمِه، وكمالِ غناه وقيُّوميَّتِه، أنه تعالى يعرِضُ على عبادِه مسألتَه وطلبَه، ففي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ينزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حينَ يبقى ثلُثُ الليلِ الآخرُ، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرُني فأغفرَ له؟ " وهذا من رحمته تعالى بعباده، إذ فتح لهم هذا الباب العظيم، وجعله سلوة للمؤمنين، ومفزعًا للمكروبين، وقوةً للمُستضعفين، فما طرقه عبدٌ مؤمنٌ صادق إلا فُتح له، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم: " إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا" رواه ابن ماجه والترمذي.



وإنه لما كان الأنبياء هم أعلم الناس بالله، وأبصرهم بأقرب الطرق إليه، كان الدعاء هو مفزعَهم وملجأَهم وملاذَهم في كل كرب وشدة، فهذا نبي الله نوح عليه السلام لما اشتد إعراض قومهِ عنه ومحاربتهم له وصدهم عن دعوته، دعا عليهم فقال: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴾ [نوح: 26]، فاستجاب الله دعاءه: ﴿ فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14]، ولما اشتد إعراض فرعون وملئِهِ عن دعوة موسى - عليه السلام - دعا ربه وقال: ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88]، فأجاب الله دعوته: ﴿ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 89] وأغرق الله فرعون وقومه في اليم، وأنجى موسى ومن معه برحمة منه، وهذا نبي الله أيوب عليه السلام ابتلاه الله بالمرض، فلما اشتد به الكرب وعظم عليه الأمر، نادى ربه ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83] قال الله: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84]، ولما اجتمعَ كفار قريشٍ يومَ بدر، كان أول ما بدأ نبينا صلى الله عليه وسلم أن لجأ إلى ربه وألح عليه بالدعاء ورفع يديه، فكان من دعائه: " اللهم نصرك الذي وعدتني " فأنزل الله النصر عليه وعلى المؤمنين ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126] ألا فما أحرانا – أيها المسلمون – أن ندعو الله صباحًا ومساءً قائمين قاعدين، وأن نلجأ إليه في كل شأن من شؤون حياتنا راغبين موقنين، وأن نلح عليه في الدعاء ونكرر المسألة ولا نيأس ولا نقنط، وأن نحسن الظن بربنا ولا نستبطئ إجابته، غافلين عما في ذلك من حكمة، فعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا " رواه مسلم. وعَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: " يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُم مَا لم يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لي " رواه البخاري ومسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلمٍ يدعو ليس بإثمٍ ولا قطيعةِ رحمٍ، إلا أعطاه اللهُ إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يدفعَ عنه من السوءِ مثلَها " فقال أحدُ الصحابةِ: إذًا نكثِرُ يا رسولَ الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " اللهُ أكثرُ " رواه الإمام أحمد. فيا مكروب، ارفع يديك للذي يسمع السرَّ والنجوى، ويا مظلوم، استنصر ربك فإنه لا يُحبُ الظالمين، ويا من تكالبت عليه الديون، سل الله فإنه هو الرزاق ذو القوةِ المتين، ويا من يشتكي المرض، ادعُ الله فإنه سميعٌ قريب ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62] ادعوا اللهَ بقلوبٍ حاضرةٍ، خاشعة منكسرة ذليلة، ألِحُّوا في الدعاءِ رغبةً ورهبةً، توسَّلوا إليه جل وعلا بأسمائه وصفاته ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180] علقوا قلوبكم بالله وحده، تبرأوا من حولكم وقوتكم إلى حول الله وقوته فإنه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، فعن الحسن رحمه الله في قوله - عز وجل: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾[غافر: 60]، قال: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله - عز وجل - أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.
يَا مَنْ يَرَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيَسْمَعُ
أَنْتَ المُعَدُّ لِكُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ
يَا مَنْ يُرَجَّى لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا
يَا مَنْ إِلَيْهِ المُشْتَكَى وَالمَفْزَعُ
يَا مَنْ خَزَائِنُ رِزْقِهِ فِي قَوْلِ (كُنْ)
امْنُنْ فَإِنَّ الخَيْرَ عِنْدَكَ أَجْمَعُ
مَا لِي سِوَى فَقْرِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ
فَبِالاِفْتِقَارِ إِلَيْكَ فَقْرِي أَدْفَعُ
مَا لِي سِوَى قَرْعِي لِبَابِكَ حِيلَةٌ
فَلَئِنْ رُدِدْتُ فَأَيَّ بَابٍ أَقْرَعُ
وَمَنِ الَّذِي أَدْعُو وَأَهْتِفُ بِاسْمِهِ
إِنْ كَانَ فَضْلُكَ عَنْ فَقِيرِكَ يُمْنَعُ
حَاشَا لِفَضْلِكَ أَنْ يُقَنِّطَ عَاصِيًا
الْفَضْلُ أَجْزَلُ وَالمَوَاهِبُ أَوْسَعُ



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.



أما بعد، معاشر المسلمين، فإن لإجابة الدعاء وقبوله أسبابًا، ذكر بعضـًا منها الإمام ابن القيم رحمه الله فقال: وإذا جُمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب؛ وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهو: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تٌقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر؛ وصادف خشوعًا في القلب وانكسارًا بين يدي الرب وذلًا له وتضرعًا ورقة؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، وألحَّ في المسألة وتوسلَ إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدمَ بين يدي دعائه صدقةً، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم...



هذا وصلوا وسلموا على خير الورى كما أمر الله تعالى في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



 

البرآق

نبض آخر
إنضم
27 أغسطس 2017
المشاركات
30,221
مستوى التفاعل
497
النقاط
83
رد: الدعاء هو العباده

طرح راقي
أهنيك على هذا الموضوع الرائع
والجميل
لاحرمنا الله من تجدد مواضيعك الشيقه
يعطيك الف عافيه

مودتي
 

عطري وجودك

Well-Known Member
إنضم
5 أغسطس 2019
المشاركات
81,603
مستوى التفاعل
2,558
النقاط
113
رد: الدعاء هو العباده

شكرا للمرور العطر
تحيتي والتقدير
 

ناطق العبيدي

Well-Known Member
إنضم
16 نوفمبر 2013
المشاركات
4,927
مستوى التفاعل
1,406
النقاط
113
رد: الدعاء هو العباده

[font=&quot]تسلم أناملك عالطرح الرائـع
لآحرمنـا الله روعة موأضيعك
شكرا لمجهودك المميـز
دمت قلماا مبدعا بين طيات المنتدى
للأمام دائماا وبحفظ الرحمن
ودى ووردى لك[/font]
 

قيصر الحب

::اصدقاء المنتدى و اعلى المشاركين ::
إنضم
2 أغسطس 2016
المشاركات
369,330
مستوى التفاعل
3,193
النقاط
113
رد: الدعاء هو العباده


بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمه
 

عطري وجودك

Well-Known Member
إنضم
5 أغسطس 2019
المشاركات
81,603
مستوى التفاعل
2,558
النقاط
113
رد: الدعاء هو العباده

شكرا للمرور الكريم
تحيتي والتقدير
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )