أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ) [الدخان : 31]
وقوله : ( من فرعون إنه كان عاليا [ من المسرفين ] ) أي : مستكبرا جبارا عنيدا ، كقوله :
( إن فرعون علا في الأرض [ وجعل أهلها شيعا ] ) [ القصص : 4 ] .

( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان : 32]
وقوله : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) قال مجاهد :
( اخترناهم على علم على العالمين ) على من هم بين ظهريه .
وقال قتادة :
اختيروا على أهل زمانهم ذلك .
وكان يقال : إن لكل زمان عالما . وهذه كقوله تعالى :
( قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس ) [ الأعراف : 144 ] أي : أهل زمانه ، وكقوله لمريم :
( واصطفاك على نساء العالمين ) [ آل عمران : 42 ] أي : في زمانها ; فإن خديجة أفضل منها ، وكذا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، أو مساوية لها في الفضل ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .

( وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ) [الدخان : 33]

وقوله : ( وآتيناهم من الآيات ) أي : [ من ] الحجج والبراهين وخوارق العادات.
( ما فيه بلاء مبين ) أي : اختبار ظاهر جلي لمن اهتدى به .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ) [الدخان : 34]
يقول تعالى منكرا على المشركين في إنكارهم البعث والمعاد ، وأنه ما ثم إلا هذه الحياة الدنيا ، ولا حياة بعد الممات ، ولا بعث ولا نشور .

( إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ) [الدخان : 35]
يقول تعالى منكرا على المشركين فى إنكارهم البعث والمعاد وأنه ما ثم إلا هذه الحياة الدنيا ولا حياة بعد الممات ولا بعث ولا نشور ويحتجون بأبائهم الماضين الذين ذهبوا فلم يرجعوا فإن كان البعث حقا: "فأتوا بأبائنا إن كنتم صادقين".

( فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الدخان : 36]
وهذه حجة باطلة وشبهة فاسدة فإن المعاد إنما هو يوم القيامة لا في الدار الدنيا بل بعد انقضائها "وذهابها" وفراغها يعيد الله العالمين خلقا جديدا ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا يوم تكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) [الدخان : 37]
ثم قال تعالى متهددا لهم ، ومتوعدا ومنذرا لهم بأسه الذي لا يرد ، كما حل بأشباههم ونظرائهم من المشركين والمنكرين للبعث وكقوم تبع - وهم سبأ - حيث أهلكهم الله وخرب بلادهم ، وشردهم في البلاد ، وفرقهم شذر مذر ، كما تقدم ذلك في سورة سبأ ، وهي مصدرة بإنكار المشركين للمعاد . وكذلك هاهنا شبههم بأولئك ، وقد كانوا عربا من قحطان كما أن هؤلاء عرب من عدنان ، وقد كانت حمير - وهم سبأ - كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا ، كما يقال : كسرى لمن ملك الفرس ، وقيصر لمن ملك الروم ، وفرعون لمن ملك مصر كافرا ، والنجاشي لمن ملك الحبشة ، وغير ذلك من أعلام الأجناس . ولكن اتفق أن بعض تبابعتهم خرج من اليمن وسار في البلاد حتى وصل إلى سمرقند ، واشتد ملكه وعظم سلطانه وجيشه ، واتسعت مملكته وبلاده ، وكثرت رعاياه وهو الذي مصر الحيرة فاتفق أنه مر بالمدينة النبوية وذلك في أيام الجاهلية ، فأراد قتال أهلها فمانعوه وقاتلوه بالنهار ، وجعلوا يقرونه بالليل ، فاستحيا منهم وكف عنهم ، واستصحب معه حبرين من أحبار يهود كانا قد نصحاه وأخبراه أنه لا سبيل له على هذه البلدة ; فإنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان ، فرجع عنها وأخذهما معه إلى بلاد اليمن ، فلما اجتاز بمكة أراد هدم الكعبة فنهياه [ عن ذلك ] أيضا ، وأخبراه بعظمة هذا البيت ، وأنه من بناية إبراهيم الخليل وأنه سيكون له شأن عظيم على يدي ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان ، فعظمها وطاف بها ، وكساها الملاء والوصائل والحبير .
ثم كر راجعا إلى اليمن ودعا أهلها إلى التهود معه ، وكان إذ ذاك دين موسى ، عليه السلام ، فيه من يكون على الهداية قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، فتهود معه عامة أهل اليمن . وقد ذكر القصة بطولها الإمام محمد بن إسحاق في كتابه " السيرة " وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه ترجمة حافلة ، أورد فيها أشياء كثيرة مما ذكرنا وما لم نذكر .
وذكر أنه ملك دمشق ، وأنه كان إذا استعرض الخيل صفت له من دمشق إلى اليمن ، ثم ساق من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" ما أدري : الحدود طهارة لأهلها أم لا ؟
ولا أدري تبع لعينا كان أم لا ؟
ولا أدري ذو القرنين نبيا كان أم ملكا ؟ "
وقال غيره : " أعزيرا كان نبيا أم لا ؟ " .
وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن حماد الظهراني ، عن عبد الرزاق .

قال الدارقطني :
تفرد به عبد الرزاق .
ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، مرفوعا : " عزير لا أدري أنبيا كان أم لا ؟ ولا أدري ألعين تبع أم لا ؟ " .
ثم أورد ما جاء في النهي عن سبه ولعنته ، كما سيأتي .
وكأنه - والله أعلم - كان كافرا ثم أسلم وتابع دين الكليم على يدي من كان من أحبار اليهود في ذلك الزمان على الحق قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، وحج البيت في زمن الجرهميين ، وكساه الملاء والوصائل من الحرير والحبر ونحر عنده ستة آلاف بدنة وعظمه وأكرمه . ثم عاد إلى اليمن . وقد ساق قصته بطولها الحافظ ابن عساكر ، من طرق متعددة مطولة مبسوطة ، عن أبي بن كعب وعبد الله بن سلام ، وعبد الله بن عباس وكعب الأحبار . وإليه المرجع في ذلك كله ، وإلى عبد الله بن سلام أيضا ، وهو أثبت وأكبر وأعلم .
وكذا روى قصته وهب بن منبه ، ومحمد بن إسحاق في السيرة كما هو مشهور فيها .
وقد اختلط على الحافظ ابن عساكر في بعض السياقات ترجمة تبع هذا بترجمة آخر متأخر عنه بدهر طويل ، فإن تبعا هذا المشار إليه في القرآن أسلم قومه على يديه ، ثم لما مات عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران ، فعاقبهم الله تعالى كما ذكره في سورة سبأ ، وقد بسطنا قصتهم هنالك ، ولله الحمد والمنة .

وقال سعيد بن جبير :
كسا تبع الكعبة ، وكان سعيد ينهى عن سبه .

وتبع هذا هو تبع الأوسط ، واسمه أسعد أبو كريب بن ملك يكرب اليماني ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستا وعشرين سنة ، ولم يكن في حمير أطول مدة منه ، وتوفي قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من سبعمائة عام . وذكروا أنه لما ذكر له الحبران من يهود المدينة أن هذه البلدة مهاجر نبي آخر في الزمان ، اسمه أحمد ، قال في ذلك شعرا واستودعه عند أهل المدينة . وكانوا يتوارثونه ويروونه خلفا عن سلف . وكان ممن يحفظه أبو أيوب خالد بن زيد الذي نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في داره ، وهو :

شهدت على أحمد أنه
رسول من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عمره
لكنت وزيرا له وابن عم
وجاهدت بالسيف أعداءه
وفرجت عن صدره كل غم

وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الإسلام ، فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين ، وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب : " هذا قبر حبى ولميس - وروي : حبى وتماضر - ابنتي تبع ماتتا ، وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئا ، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما .

وقد ذكرنا في " سورة سبأ " شعر سبأ في ذلك أيضا .

قال قتادة :
ذكر لنا أن كعبا كان يقول في تبع : نعت نعت الرجل الصالح ، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه ، قال :
وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان رجلا صالحا .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله ابن لهيعة عن أبي زرعة - يعني عمرو بن جابر الحضرمي - قال :
سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان أسلم " .
ورواه الإمام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، به .

وقال الطبراني :
حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا تسبوا تبعا ; فإنه قد أسلم " .

وقال عبد الرزاق :
أخبرنا معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ما أدري ، تبع نبيا كان أم غير نبي " .

وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كما أورده ابن عساكر :
" لا أدري تبع كان لعينا أم لا ؟ " . فالله أعلم .

ورواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى البدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موقوفا .

وقال عبد الرزاق :
أخبرنا عمران أبو الهذيل ، أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال : قال عطاء بن أبي رباح :
لا تسبوا تبعا ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سبه .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ) [الدخان : 38]
( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الدخان : 39]
يقول تعالى مخبرا عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل ، كقوله :
( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ).
وقال ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) [الدخان : 40]
ثم قال : ( إن يوم الفصل ) وهو يوم القيامة ، يفصل الله فيه بين الخلائق ، فيعذب الكافرين ويثيب المؤمنين .

وقوله : ( ميقاتهم أجمعين ) أي : يجمعهم كلهم أولهم وآخرهم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ) [الدخان : 41]

( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ) أي : لا ينفع قريب قريبا ، كقوله :
( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) [ المؤمنون : 101 ].
وكقوله:( ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم ) [ المعارج : 10 ، 11 ] أي : لا يسأل أخا له عن حاله وهو يراه عيانا .
وقوله : ( ولا هم ينصرون ) أي : لا ينصر القريب قريبه ، ولا يأتيه نصره من خارج .

( إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الدخان : 42]
ثم قال : ( إلا من رحم الله ) أي : لا ينفع يومئذ إلا من رحمه الله ، عز وجل ، لخلقه.
( إنه هو العزيز الرحيم ) أي : هو عزيز ذو رحمة واسعة.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ) [الدخان : 43]
( طَعَامُ الْأَثِيمِ) [الدخان : 44]
يقول تعالى مخبرا عما يعذب به [ عباده ] الكافرين الجاحدين للقائه : ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ) والأثيم أي : في قوله وفعله ، وهو الكافر .
وذكر غير واحد أنه أبو جهل ، ولا شك في دخوله في هذه الآية ، ولكن ليست خاصة به .

قال ابن جرير :
حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن إبراهيم عن همام بن الحارث ، أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلا: ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم )
فقال : طعام اليتيم.
فقال أبو الدرداء قل : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر . أي : ليس له طعام غيرها .

قال مجاهد :
ولو وقعت منها قطرة في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معايشهم .
وقد تقدم نحوه مرفوعا .

( كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) [الدخان : 45]
وقوله : ( كالمهل ) قالوا : كعكر الزيت.
( يغلي في البطون)

( كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان : 46]
"كغلي الحميم" أي من حرارتها ورداءتها.

( خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاءِ الْجَحِيمِ) [الدخان : 47]
وقوله : ( خذوه فاعتلوه ) أي : [ خذوا ] الكافر ، وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية ( خذوه ) ابتدره سبعون ألفا منهم .
( فاعتلوه ) أي : سوقوه سحبا ودفعا في ظهره .

قال مجاهد : ( خذوه فاعتلوه ) أي : خذوه فادفعوه .

وقال الفرزدق :

ليس الكرام بناحليك أباهم
حتى ترد إلى عطية تعتل

( إلى سواء الجحيم ) أي : وسطها .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ) [الدخان : 48]
( ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم )
كقوله: ( يصب من فوق رءوسهم الحميم . يصهر به ما في بطونهم والجلود ) [ الحج : 19 ، 20 ] .

وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد ، تفتح دماغه ، ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه ، فيسلت ما في بطنه من أمعائه ، حتى تمرق من كعبيه - أعاذنا الله تعالى من ذلك .

( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : 49]
وقوله : ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) أي : قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ .

وقال الضحاك عن ابن عباس : أي لست بعزيز ولا كريم .

وقد قال الأموي في مغازيه : حدثنا أسباط ، حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل - لعنه الله - فقال :
" إن الله تعالى أمرني أن أقول لك : ( أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى ) [ القيامة : 34 ، 35 ]
قال : فنزع ثوبه من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء . ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء ، وأنا العزيز الكريم .
قال : فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله وعيره بكلمته ، وأنزل : ( ذق إنك أنت العزيز الكريم )

( إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ) [الدخان : 50]
وقوله : ( إن هذا ما كنتم به تمترون ) ، كقوله:
( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ) [ الطور : 13 - 15 ].
ولهذا قال هاهنا : ( إن هذا ما كنتم به تمترون )
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) [الدخان : 51]
لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر [ حال ] السعداء - ولهذا سمي القرآن مثاني - فقال : ( إن المتقين ) أي : لله في الدنيا
( في مقام أمين ) أي : في الآخرة وهو الجنة ، قد أمنوا فيها من الموت والخروج ، ومن كل هم وحزن وجزع وتعب ونصب ، ومن الشيطان وكيده ، وسائر الآفات والمصائب .

( فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) [الدخان : 52]
( في جنات وعيون ) وهذا في مقابلة ما أولئك فيه من شجر الزقوم ، وشرب الحميم .

( يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) [الدخان : 53]
وقوله تعالى : ( يلبسون من سندس وإستبرق ) وهو : رفيع الحرير ، كالقمصان ونحوها.
( وإستبرق ) وهو ما فيه بريق ولمعان وذلك كالرياش ، وما يلبس على أعالي القماش.
( متقابلين ) أي : على السرر لا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره .

( كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان : 54]
وقوله : ( كذلك وزوجناهم بحور عين ) أي : هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان اللاتي
( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) [ الرحمن : 56 ، 74 ]
( كأنهن الياقوت والمرجان ) [ الرحمن : 58 ]
( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا نوح بن حبيب ، حدثنا نصر بن مزاحم العطار ، حدثنا عمر بن سعد ، عن رجل عن أنس - رفعه نوح - قال : لو أن حوراء بزقت في بحر لجي ، لعذب ذلك الماء لعذوبة ريقها .

( يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) [الدخان : 55]
وقوله : ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) أي : مهما طلبوا من أنواع الثمار أحضر لهم ، وهم آمنون من انقطاعه وامتناعه ، بل يحضر إليهم كلما أرادوا .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ ۖ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [الدخان : 56]
وقوله : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) هذا استثناء يؤكد النفي ، فإنه استثناء منقطع ومعناه : أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت "
وقد تقدم الحديث في سورة مريم .

وقال عبد الرزاق :
حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي سعيد وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يقال لأهل الجنة : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا " .
رواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق به .

هكذا يقول أبو إسحاق وأهل العراق " أبو مسلم الأغر " ، وأهل المدينة يقولون : " أبو عبد الله الأغر " .

وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني :
حدثنا أحمد بن حفص ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج - هو ابن حجاج - عن عبادة ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" من اتقى الله دخل الجنة ، ينعم فيها ولا يبأس ، ويحيا فيها فلا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه " .

وقال أبو القاسم الطبراني :
حدثنا أحمد بن يحيى ، حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا سليمان بن عبيد الله الرقي ، حدثنا مصعب بن إبراهيم ، حدثنا عمران بن الربيع الكوفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، رضي الله عنه ، قال : سئل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : أينام أهل الجنة ؟
فقال : " النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون " .

وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره : حدثنا أحمد بن القاسم بن صدقة المصري ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا عبد الله بن المغيرة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون " .

وقال أبو بكر البزار في مسنده :
حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال :
قيل : يا رسول الله ، هل ينام أهل الجنة ؟
قال : " لا النوم أخو الموت "
ثم قال : " لا نعلم أحدا أسنده عن ابن المنكدر ، عن جابر إلا الثوري ، ولا عن الثوري ، إلا الفريابي " هكذا قال ، وقد تقدم خلاف ذلك ، والله أعلم .

وقوله : ( ووقاهم عذاب الجحيم ) أي : مع هذا النعيم العظيم المقيم قد وقاهم ، وسلمهم ونجاهم وزحزحهم من العذاب الأليم في دركات الجحيم ، فحصل لهم المطلوب ، ونجاهم من المرهوب.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,349
مستوى التفاعل
596
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الدخان : 57]
ولهذا قال : ( فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ) أي : إنما كان هذا بفضله عليهم وإحسانه إليهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
" اعملوا وسددوا وقاربوا ، واعلموا أن أحدا لن يدخله عمله الجنة "
قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟
قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .

( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الدخان : 58]
وقوله : ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) أي : إنما يسرنا هذا القرآن الذي أنزلناه سهلا واضحا بينا جليا بلسانك الذي هو أفصح اللغات وأجلاها وأحلاها وأعلاها.
( لعلهم يتذكرون ) أي : يتفهمون ويعملون .
ثم لما كان مع هذا البيان والوضوح ، من الناس من كفر وخالف وعاند ، قال الله تعالى لرسوله مسليا له وواعدا له بالنصر ، ومتوعدا لمن كذبه بالعطب والهلاك :

( فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ)؛[الدخان : 59]
( فارتقب ) أي : انتظر.
( إنهم مرتقبون ) أي : فسيعلمون لمن يكون النصر والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة ، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين ، كما قال تعالى :
( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ].
وقال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 51 ، 52 ] .

آخر تفسير سورة الدخان ، ولله الحمد والمنة ، وبه التوفيق والعصمة.
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 3 ( الاعضاء: 0, الزوار: 3 )