عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ الله حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلا يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سَبيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ)).
رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه:
بشارة بالنجاة من النار لمن خشي الله تعالى، وللمجاهدين في سبيل الله.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ:
سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((عَيْنَانِ لا تَمسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ)).
رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
الخشية:
الخوف الناشئ عن تعظيم ومعرفة، قال الله تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}.
عن أَبي أُمَامَة الباهلي رضي الله عنه قال:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللهِ وَمَنيحَةُ خَادِمٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحلٍ في سَبِيلِ اللهِ)).
رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
عن البَراءِ رضي الله عنه قال:
أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بالحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟
قَالَ: ((أسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ)).
فَأسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ.
فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
((عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا)).
متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ البخاري.
عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
((يَغْفِرُ اللهُ لِلشَّهِيدِ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ الدَّيْنَ)).
رواه مسلم.
وفي روايةٍ له:
((القَتْلُ في سَبيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شيءٍ إلاَّ الدَّيْن)).
في حديث ابن مسعود عند أبي نعيم:
((الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا- أَوْ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ- إِلَّا الْأَمَانَةَ، وَالْأَمَانَةُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَمَانَةُ فِي الصَّوْمِ، وَالْأَمَانَةُ فِي الْحَدِيثِ، فَأَشَدُّ ذَلِكَ الْوَدَائِعُ)).
عن أنس رضي الله عنه قال:
انْطَلَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
((لا يَقْدِمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أنَا دُونَهُ)).
فَدَنَا المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ))
قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بن الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ رضي الله عنه:
يَا رسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ؟
قَالَ: ((نَعَمْ))
قَالَ: بَخٍ بَخٍ؟
فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بَخٍ؟))
قَالَ: لا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أهْلِهَا.
قَالَ: ((فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا)).
فَأخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَييتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هذِهِ إنّهَا لَحَياةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.
رواه مسلم.
((القَرَن)) بفتح القاف والراء: هُوَ جُعْبَةُ النشَّابِ.
قوله: ((لا يقدمنَّ أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه)) المراد: النهي عن الاستبداد في شيء دون أمره صلى الله عليه وسلم.
عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أن ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ: القُرّاءُ، فِيهِم خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالمَاءِ، فَيَضَعُونَهُ في المَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ، وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أنْ يَبْلغُوا المَكَانَ، فَقَالُوا:
اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا.
وَأتَى رَجُلٌ حَرامًا خَالَ أنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أنْفَذَه، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ.
فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ إخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا)).
متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.
قوله: ((فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان))، أي: مكان أبي براء ابن ملاعب الأسنَّة، عرض لهم عدو الله عامر بن الطفيل، واستصرخ عليهم بني عامر فأبَوا أن يجيبوه، وقالوا:
لا نخفر أبا براء وقد عقد لهم جوازًا.
فاستصرخ عليهم رعلًا، وذكوان، وعصية، فأجابوه فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقاتلوهم فقتلوهم في معرك الحرب.
وَقَدْ سبق في باب المجاهدة.
قوله:
((إني أجد ريحها من دون أُحُد)) يحتمل أنه نشق ريح الجنة حقيقة، ويحتمل أنه استحضر الجنة فصور أنها في ذلك الموضع. والمعنى: أني لأعلم أن الجنة تكتب بالشهادة فأنا مشتاق لها.
عن سَمُرَة رضي الله عنه قال:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجرةَ فَأدْخَلاَنِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، قالا: أمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ)).
رواه البخاري، وَهُوَ بعض من حديث طويل فِيهِ أنواع العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إنْ شاء الله تَعَالَى.
فيه: أن منزل الشهداء في الجنة أحسن المنازل.